للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فغضب الأمير وأمر بنفيه من البلد، فاستنظره ثلاثة أيام فأنظره، وأرسل برغش الأسارى من القلعة فكسروا منبر الحنابلة وتعطلت يومئذ صلاة الظهر في محراب الحنابلة، وأخرجت الخزائن والصناديق التي كانت هناك، وجرت خبطة شديدة، نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وكان عقد المجلس يوم الاثنين الرابع والعشرين من ذي الحجة، فارتحل الحافظ عبد الغنى إلى بعلبكّ ثم سار إلى مصر فآواه المحدثون، فحنوا عليه وأكرموه.

[وممن توفى فيها من الأعيان]

[الأمير مجاهد الدين قايماز الرومي]

نائب الموصل المستولى على مملكتها أيام ابن استاذه نور الدين أرسلان، وكان عاقلا ذكيا فقيها حنفيا، وقيل شافعيا، يحفظ شيئا كثيرا من التواريخ والحكايات، وقد ابتنى عدة جوامع ومدارس وربط وخانات، وله صدقات كثيرة دارة، قال ابن الأثير: وقد كان من محاسن الدنيا.

[أبو الحسن محمد بن جعفر]

ابن أحمد بن محمد بن عبد العزيز العباس الهاشمي، قاضى القضاة ببغداد، بعد ابن النجاري، كان شافعيا تفقه على أبى الحسن بن الخل وغيره، وقد ولى القضاء والخطابة بمكة، وأصله منها، ولكن ارتحل إلى بغداد فنال منها ما نال من الدنيا، وآل به الأمر إلى ما آل، ثم إنه عزل عن القضاء بسبب محضر رقم خطه عليه، وكان فيما قيل مزورا عليه. فالله أعلم، فجلس في منزله حتى مات.

[الشيخ جمال الدين أبو القاسم]

يحيى بن على بن الفضل بن بركة بن فضلان، شيخ الشافعية ببغداد، تفقه أولا على سعيد بن محمد الزار مدرس النظامية، ثم ارتحل إلى خراسان فأخذ عن الشيخ محمد الزبيدي تلميذ الغزالي وعاد إلى بغداد وقد اقتبس علم المناظرة والأصلين، وساد أهل بغداد وانتفع به الطلبة والفقهاء، وبنيت له مدرسة فدرس بها وبعد صيته، وكثرت تلاميذه، وكان كثير التلاوة وسماع الحديث، وكان شيخا حسنا لطيفا ظريفا، ومن شعره:

وإذا أردت منازل الأشراف … فعليك بالاسعاف والإنصاف

وإذا بغا باغ عليك فخله … والدهر فهو له مكاف كاف

[ثم دخلت سنة ست وتسعين وخمسمائة]

استهلت هذه السنة والملك الأفضل بالجيش المصري محاصر دمشق لعمه العادل، وقد قطع عنها الأنهار والميرة، فلا خبز ولا ماء إلا قليلا، وقد تطاول الحال، وقد خندقوا من أرض اللوان إلى اللد خندقا لئلا يصل إليهم جيش دمشق، وجاء فصل الشتاء وكثرت الأمطار والأوحال، فلما دخل شهر صفر قدم الملك الكامل محمد بن العادل على أبيه بخلق من التركمان، وعساكر من بلاد

<<  <  ج: ص:  >  >>