للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً) فقال عبد الملك: والله لقد دخل على أخوك عبد الله فإذا هو لا يقيم اللحن، فقال خالد: والوليد لا يقيم اللحن، فقال عبد الملك: إن أخاه سليمان لا يلحن، فقال خالد:

وأنا أخو عبد الله لا ألحن، فقال الوليد - وكان حاضرا - لخالد بن يزيد: اسكت، فو الله ما تعد في العير ولا في النفير، فقال خالد: اسمع يا أمير المؤمنين! ثم أقبل خالد على الوليد فقال: ويحك وما هو العير والنفير غير جدي أبى سفيان صاحب العير، وجدي عتبة بن ربيعة صاحب النفير؟ ولكن لو قلت غنيمات وجبيلات والطائف، ورحم الله عثمان، لقلنا صدقت - يعنى أن الحكم كان منفيا بالطائف يرعى غنما ويأوى إلى جبلة الكرم حتى آواه عثمان بن عفان حين ولى - فسكت الوليد وأبوه ولم يحيرا جوابا، والله سبحانه أعلم.

[ثم دخلت سنة ست وثمانين]

ففيها غزا قتيبة بن مسلم نائب الحجاج على مرو وخراسان، بلادا كثيرة من أرض الترك وغيرهم من الكفار، وسبى وغنم وسلم وتسلم قلاعا وحصونا وممالك، ثم قفل فسبق الجيش، فكتب إليه الحجاج يلومه على ذلك ويقول له: إذا كنت قاصدا بلاد العدو فكن في مقدمة الجيش، وإذا قفلت راجعا فكن في ساقة الجيش - يعنى لتكون ردءا لهم من أن ينالهم أحد من العدو وغيرهم بكيد - وهذا رأى حسن وعليه جاءت السنة، وكان في السبي امرأة برمك - والد خالد بن برمك - فأعطاها قتيبة أخاه عبد الله بن مسلم فوطئها فحملت منه، ثم إن قتيبة منّ على السبي وردت تلك المرأة على زوجها وهي حبلى من عبد الله بن مسلم، وكان ولدها عندهم حتى أسلموا فقدموا به معهم أيام بنى العباس كما سيأتي. ولما رجع قتيبة إلى خراسان تلقاه دهاقين بلغار بهدايا عظمة، ومفتاح من ذهب.

وفيها كان طاعون بالشام والبصرة وواسط ويسمى طاعون الفتيات، لأنه أول ما بدأ بالنساء فسمى بذلك. وفيها غزا مسلمة بن عبد الملك بلاد الروم فقتل وسبى وغنم وسلم وافتتح حصن بولق وحصن الأخرم من أرض الروم، وفيها عقد عبد الملك لابنه عبد الله على مصر وذلك بعد موت أخيه عبد العزيز فدخلها في جمادى الآخرة، وعمره يومئذ سبع وعشرون سنة. وفيها هلك ملك الروم الأخرم لورى لا . وفيها حبس الحجاج يزيد بن المهلب. وحج بالناس فيها هشام بن إسماعيل المخزومي. وفي هذه السنة توفى أبو أمامة الباهلي وعبد الله بن أبى أوفى، وعبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي في قول، شهد فتح مصر وسكنها وهو آخر من مات من الصحابة بمصر.

وفيها في شوالها توفى أمير المؤمنين

[عبد الملك بن مروان والد الخلفاء الأمويين]

وهو عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبى العاص بن أمية أبو الوليد الأموي أمير المؤمنين،

<<  <  ج: ص:  >  >>