سمع الحديث، وكان لطيفا ظريفا، جمع كتابا سماه روضة الأدباء، فيها نتف حسنة. قال ابن الجوزي زرته يوما فأطلت الجلوس عنده فقلت: أقوم فقد ثقلت، فأنشدنى:
لئن سئمت إبراما وثقلا … زيارات رفعت بهن قدري
فما أبرمت إلا حبل ودى … ولا ثقلت إلا ظهر شكري
[مرجان الخادم]
كان يقرأ القراءات، وتفقه لمذهب الشافعيّ، وكان يتعصب على الحنابلة ويكرههم، ويعادى الوزير ابن هبيرة وابن الجوزي معاداة شديدة، ويقول لابن الجوزي: مقصودي قلع مذهبكم، وقطع ذكركم. ولما توفى ابن هبيرة في هذه السنة قوى على بن الجوزي وخافه ابن الجوزي، فلما توفى في هذه السنة فرح ابن الجوزي فرحا شديدا، توفى [في ذي القعدة منها.
[ابن التلميذ]
الطبيب الحاذق الماهر، اسمه هبة الله بن صاعد توفى] عن خمس وتسعين سنة، وكان موسعا عليه في الدنيا، وله عند الناس وجاهة كبيرة، وقد توفى قبحه الله على دينه، ودفن بالبيعة العتيقة، لا ﵀ إن كان مات نصرانيا، فإنه كان يزعم أنه مسلم، ثم مات على دينه.
[الوزير ابن هبيرة]
يحيى بن محمد بن هبيرة، أبو المظفر الوزير للخلافة عون الدين، مصنف كتاب الإفصاح، وقد قرأ القرآن وسمع الحديث، وكانت له معرفة جيدة بالنحو واللغة والعروض، وتفقه على مذهب الامام أحمد، وصنف كتبا جيدة مفيدة، من ذلك الإفصاح في مجلدات، شرح فيه الحديث وتكلم على مذاهب العلماء، وكان على مذهب السلف في الاعتقاد، وقد كان فقيرا لا مال له، ثم تعرض للخدمة إلى أن وزر للمقتفى ثم لابنه المستنجد، وكان من خيار الوزراء وأحسنهم سيرة، وأبعدهم عن الظلم، وكان لا يلبس الحرير، وكان المقتفى يقول ما وزر لبني العباس مثله، وكذلك ابنه المستنجد، وكان المستنجد معجبا به، قال مرجان الخادم سمعت أمير المؤمنين المستنجد ينشد لابن هبيرة وهو بين يديه من شعره.
صفت نعمتان خصتاك وعمتا … فذكرهما حتى القيامة يذكر
وجودك والدنيا إليك فقيرة … وجودك والمعروف في الناس ينكر
فلو رام يا يحيى مكانك جعفر … ويحيى لكفا عنه يحيى وجعفر
ولم أر من ينوى لك السوء يا أبا … المظفر إلا كنت أنت المظفر
وقد كان يبالغ في إقامة الدولة العباسية، وحسم مادة الملوك السلجوقية عنهم بكل ممكن،