وقد روى الحافظ البيهقي عن شيخه الحاكم عن أبى الفضل نصر بن محمد الطوسي قال: أنشدنا أبو بكر الصنوبري فقال:
هدم الشيب ما بناه الشباب … والغواني ما عصين خضاب
قلب الآبنوس عاجا … فللأعين منه والقلوب انقلاب
وضلال في الرأى أن يشنأ … البازي على حسنه ويهوى الغراب
وله أيضا وقد أورده ابن عساكر في ابن له فطم فجعل يبكى على ثديه:
منعوه أحب شيء إليه … من جميع الورى ومن والديه
منعوه غذاه ولقد كان … مباحا له وبين يديه
عجبا له على صغر السن … هوى فاهتدى الفراق إليه
[إبراهيم بن أحمد بن محمد]
ابن المولد، أبو إسحاق الصوفي الواعظ الرقى أحد مشايخها، روى الحديث وصحب أبا عبد الله ابن الجلاء الدمشقيّ، والجنيد وغير واحد. وروى عنه تمام بن محمد وأبو عبد الرحمن السلمي. وقد أورد ابن عساكر من شعره قوله:
لك منى على البعاد نصيب … لم ينله على الدنو حبيب
وعلى الطرف من سواك حجاب … وعلى القلب من هواك رقيب
زيّن في ناظري هواك وقلبي … والهوى فيه رائع ومشوب
كيف يغنى قرب الطبيب عليلا … أنت أسقمته وأنت الطبيب
وقوله:
الصمت آمن من كل نازلة … من ناله نال أفضل الغنم
ما نزلت بالرجال نازلة … أعظم ضرا من لفظة نعم
عثرة هذا اللسان مهلكة … ليست لدينا كعثرة القدم
احفظ لسانا يلقيك في تلف … فرب قول أذل ذا كرم] (١)
[ثم دخلت سنة إحدى وثلاثمائة]
فيها غزا الحسين بن حمدان الصائفة ففتح حصونا كثيرة من بلاد الروم وقتل منها أمما لا يحصون كثرة. وفيها عزل المقتدر محمد بن عبد الله عن وزارته وقلدها عيسى بن على وكان من خيار الوزراء وأقصدهم للعدل والإحسان، واتباع الحق. وفيها كثرت الأمراض الدموية ببغداد في تموز وآب، فمات من ذلك خلق كثير من أهلها. وفيها وصلت هدايا صاحب عمان ومن جملتها بغلة بيضاء
(١) زيادة من المصرية.