حق لأحد. وكان في جملة من أخرج من المطبق يعقوب بن داود مولى بنى سليم، والحسن بن إبراهيم ابن عبد الله بن حسين، وأمر بصيرورة حسن هذا إلى نصير الخادم ليحترز عليه، وكان الحسن قد عزم على الهرب من السجن قبل خروجه منه، فلما خرج يعقوب بن داود ناصح الخليفة بما كان عزم عليه فنقله من السجن وأودعه عند نصير الخادم ليحتاط عليه، وحظي يعقوب بن داود عند المهدي جدا حتى صار يدخل عليه في الليل بلا استئذان، وجعله على أمور كثيرة، وأطلق له مائة ألف درهم. وما زال عنده كذلك حتى تمكن المهدي من الحسن بن إبراهيم فسقطت منزلة يعقوب عنده.
وقد عزل المهدي نوابا كثيرة عن البلاد وولى بدلهم. وفي هذه السنة تزوج المهدي بابنة عمه أم عبد الله بنت صالح بن على، وأعتق جاريته الخيزران وتزوجها أيضا، وهي أم الرشيد. وفيها وقع حريق عظيم في السفن التي في دجلة بغداد. ولما ولى المهدي سأل عيسى بن موسى - وكان ولى العهد من بعده - أن يخلع نفسه من الأمر فامتنع على المهدي، وسأل المهدي أن يقيم بأرض الكوفة في ضيعة له فأذن له، وكان قد استقر على إمرة الكوفة روح بن حاتم، فكتب إلى المهدي: إن عيسى بن موسى لا يأتى الجمعة ولا الجماعة مع الناس إلى شهرين من السنة، وإنه إذا جاء يدخل بدوابه إلى داخل باب المسجد فتروث دوابه حيث يصلى الناس. فكتب إليه المهدي أن يعمل خشبا على أفواه السكك حتى لا يصل الناس إلى المسجد إلا مشاة. فعلم بذلك عيسى بن موسى فاشترى قبل الجمعة دار المختار بن أبى عبيدة من ورثته - وكانت ملاصقة للمسجد - وكان يأتى إليها من يوم الخميس، فإذا كان يوم الجمعة ركب حمارا إلى باب المسجد فنزل إلى هناك وشهد الصلاة مع الناس وأقام بالكلية بالكوفة بأهله، ثم ألح المهدي عليه في أن يخلع نفسه وتوعده إن لم يفعل، ووعده إن فعل فأجابه إلى ذلك فأعطاه أقطاعا عظيمة، وأعطاه من المال عشرة آلاف ألف، وقيل عشرين ألف ألف، وبايع المهدي لولديه من بعده موسى الهادي، ثم هارون الرشيد كما سيأتي.
وحج بالناس يزيد بن منصور خال المهدي، وكان نائبا على اليمن فولاه الموسم واستقدمه عليه شوقا إليه، وغالب نواب البلاد عزلهم المهدي، غير أن إفريقية مع يزيد بن حاتم، وعلى مصر محمد ابن سليمان أبو ضمرة، وعلى خراسان أبو عون، وعلى السند بسطام بن عمرو، وعلى الأهواز وفارس عمارة بن حمزة، وعلى اليمن رجاء بن روح، وعلى اليمامة بشر بن المنذر، وعلى الجزيرة الفضل بن صالح، وعلى المدينة عبيد الله بن صفوان الجمحيّ، وعلى مكة والطائف إبراهيم بن يحيى، وعلى أحداث الكوفة إسحاق بن الصباح الكندي، وعلى خراجها ثابت بن موسى، وعلى قضائها شريك بن عبد الله النخعي، وعلى أحداث البصرة عمارة بن حمزة وعلى صلاتها عبد الملك بن أيوب بن ظبيان النميري، وعلى قضائها عبيد الله بن الحسن العنبري.