للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقلت قدمت البارحة فرجع معى الى رسول الله فدخل وقال هذا سعد بن مالك بن الشهيد.

فقال: ائذن له فدخلت فحييت رسول الله وحيانى وأقبل على وسألني عن نفسي وأهلي وأحفى المسألة فقلت: يا رسول الله ما لقينا من عليّ من الغلظة وسوء الصحبة والتضييق، فاتئد رسول الله وجعلت أنا أعدد ما لفينا منه حتى إذا كنت في وسط كلامي ضرب رسول الله على فخذي، وكنت منه قريبا وقال: «يا سعد بن مالك ابن الشهيد مه بعض قولك لأخيك على فو الله لقد علمت أنه أحسن في سبيل الله». قال فقلت في نفسي ثكلتك أمك سعد بن مالك - ألا أرانى كنت فيما يكره منذ اليوم ولا أدرى لا جرم والله لا أذكره بسوء أبدا سرا ولا علانية. وهذا إسناد جيد على شرط النسائي ولم يروه أحد من أصحاب الكتب الستة.

وقد قال يونس عن محمد بن إسحاق حدثني يحيى بن عبد الله ابن أبى عمر عن يزيد بن طلحة بن يزيد بن ركانة قال إنما وجد (١) جيش على بن طالب الذين كانوا معه باليمن لأنهم حين أقبلوا خلف عليهم رجلا وتعجل إلى رسول الله قال فعمد الرجل فكسى كل رجل حلة فلما دنوا خرج عليهم على يستلقيهم فإذا عليهم الحلل. قال على: ما هذا؟ قالوا كسانا فلان. قال فما دعاك إلى هذا قبل أن تقدم على رسول الله فيصنع ما شاء فنزع الحلل منهم فلما قدموا على رسول الله اشتكوه لذلك وكانوا قد صالحوا رسول الله، وإنما بعث عليا إلى جزية موضوعة.

قلت: هذا السياق أقرب من سياق البيهقي وذلك أن عليا سبقهم لأجل الحج وساق معه هديا وأهل بإهلال النبي فأمره أن يمكث حراما وفي رواية البراء بن عازب أنه قال له إني سقت الهدى وقرنت. والمقصود أن عليا لما كثر فيه القيل والقال من ذلك الجيش بسبب منعه إياهم استعمال إبل الصدقة واسترجاعه منهم الحلل التي أطلقها لهم نائبة وعلى معذور فيما فعل لكن اشتهر الكلام فيه في الحجيج. فلذلك والله أعلم لما رجع رسول الله من حجته وتفرغ من مناسكه ورجع إلى المدينة فمر بغدير خم قام في الناس خطيبا فبرأ ساحة عليّ ورفع من قدره ونبّه على فضله ليزيل ما وقر في نفوس كثير من الناس، وسيأتي هذا مفصلا في موضعه إن شاء الله وبه الثقة.

وقال البخاري: ثنا قتيبة ثنا عبد الواحد عن عمارة بن القعقاع بن شبرمة حدثني عبد الرحمن بن أبى نعم سمعت أبا سعيد الخدريّ يقول: بعث على بن أبى طالب إلى النبي من اليمن بذهيبة في أديم مقروظ لم تحصل (٢) من ترابها. قال فقسمها بين أربعة، بين عيينة بن بدر، والأقرع بن حابس، وزيد الخيل، والرابع إما علقمة بن علاثة وإما عامر بن الطفيل.

فقال رجل من أصحابه:

كنا نحن أحق بهذا من هؤلاء. فبلغ ذلك النبي فقال: «ألا تأمنونى؟ وأنا أمين من في السماء يأتينى خبر السماء صباحا ومساء». قال فقام رجل غائر العينين مشرف الوجنتين ناشز الجبهة


(١) في التيمورية: وجّه وهو تصحيف ووجد هنا بمعنى غضب.
(٢) لم تحصل: أي لم تخلص.

<<  <  ج: ص:  >  >>