للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعدنا، قالا إنا نعطيك ما سألتنا وأبعث معنا رجلا أمينا ولا تبعث معنا إلا رجلا أمينا، فقال «لا بعثن معكم رجلا أمينا حق أمين فاستشرف لها أصحاب رسول الله . وقال قم يا أبا عبيدة ابن الجراح، فلما قام قال رسول الله : «هذا أمين هذه الأمة» وقد رواه البخاري أيضا ومسلم من حديث شعبة عن أبى إسحاق به.

وقال الحافظ أبو بكر البيهقي أنبأنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل قالا ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا احمد بن عبد الجبار ثنا يونس بن بكير عن سلمة بن يسوع عن أبيه عن جده - قال يونس وكان نصرانيا فأسلم - أن رسول الله كتب الى نجران قبل أن ينزل عليه طس سليمان (١)، باسم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب، من محمد النبي رسول الله الى أسقف نجران أسلم أنتم فأنى احمد إليكم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب، أما بعد فانى أدعوكم الى عبادة الله من عبادة العباد، وأدعوكم الى ولاية الله من ولاية العباد، فان أبيتم فالجزية، فان أبيتم آذنتكم بحرب والسلام.

فلما أتى الأسقف الكتاب فقرأه قطع به وذعر به ذعرا شديدا وبعث إلى رجل من أهل نجران يقال له شرحبيل بن وداعة - وكان من همدان ولم يكن أحد يدعى إذا نزلت معضلة قبله لا الاتهم (٢) ولا السيد ولا العاقب - فدفع الأسقف كتاب رسول الله إلى شرحبيل فقرأه، فقال الأسقف يا أبا مريم ما رأيك؟ فقال شرحبيل: قد علمت ما وعد الله إبراهيم في ذرية إسماعيل من النبوة فما تؤمن أن يكون هذا هو ذاك الرجل ليس لي في النبوة رأى، ولو كان أمر من أمور الدنيا لأشرت عليك فيه برأي وجهدت لك، فقال له الأسقف تنح فاجلس، فتنحى شرحبيل فجلس ناحيته فبعث الأسقف إلى رجل من أهل نجران يقال له عبد الله بن شرحبيل وهو من ذي أصبح من حمير فاقرأه الكتاب وسأله عن الرأى فقال له مثل قول شرحبيل، فقال له الأسقف تنح فاجلس فتنحى فجلس ناحيته، وبعث الأسقف إلى رجل من أهل نجران يقال له جبار بن فيض من بنى الحارث بن كعب أحد بنى الحماس فاقرأه الكتاب وسأله عن الرأى فيه فقال له مثل قول شرحبيل وعبد الله، فأمره الأسقف فتنحى فجلس ناحيته فلما اجتمع الرأى منهم على تلك المقالة جميعا، أمر الأسقف بالناقوس فضرب به ورفعت النيران والمسوح في الصوامع وكذلك كانوا يفعلون إذا فزعوا بالنهار، وإذا كان فزعهم ليلا ضربوا بالناقوس ورفعت النيران في الصوامع، فاجتمع حين ضرب بالناقوس ورفعت المسوح أهل الوادي أعلاه وأسفله وطول الوادي مسيرة يوم للراكب السريع وفيه ثلاث وسبعون


(١) يريد السورة التي فيها الآية الكريمة ﴿إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾ وقوله أسلم أنتم كذا في الأصول ولعله أسلم تسلم.
(٢) كذا في الأصول: وفي ابن هشام: الابهم بالباء وجعله اسم السيد فيكون سياق العبارة لا الابهم وهو السيد، واسم العاقب عبد المسيح وليحرر.

<<  <  ج: ص:  >  >>