"قد غلط فيه كثير من الناس، وضلت فيه نابتة جاهلة لا تدري ما عليها في ذلك، والصحيح في هذا الباب: أن من صحّت عدالته، وثبتت في الحلم إمامته، وبانت ثقته، وبالعلم عنايته، لم يلتفت فيه إلى قول أحد إلا أن يأتي في جرحته ببينة عادلة يصح بها جرحته على طريق الشهادات، والعمل فيها من المشاهدة والمعاينة لذلك بما يوجب تصديقه فيما قاله؛ لبراءته من الغل والحسد والعداوة والمنافسة، وسلامته من ذلك كله، فذلك كله يوجب قبول قوله من جهة الفقه والنظر، وأما من لم تثبت إمامته، ولا عرفت عدالته، ولا صحت لعدم الحفظ والإتقان روايته، فإنه ينظر فيه إلى ما اتفق أهل العلم عليه .. " فقوله قول التابع لا المتبوع، وانقلبت في أيامنا الموازين، فتمشيخ التلاميذ، وطاروا بلا ريش، فقاتلوا بلا عُدة، وصاولوا من غير عدد، إلا حماقات وجهالات، ورعونات وتيهًا وطيشًا، وقلّة دين، وخفة عقل. وقال ابن عبد البر فيه أيضًا (٢/ ١١١٧) بعد أن ذكر المناكدات الواقعة بين الإمام مالك وابن إسحاق من جهة، وابن المسيب وعكرمة من جهة أخرى، والأعمش وأبي حنيفة من جهة، في آخرين من الرواة، قال على إثر ذلك كلِّه: "فمن أراد أن يقبل قول العلماء الثقات الأئمة الأثبات بعضهم في بعض، فلْيقْبل قولَ من ذكرنا قوله من الصحابة رضوان اللَّه عليهم بعضهم في بعض، فإن فعل ذلك ضل ضلالًا بعيدًا، وخسر خسرانًا مبينًا، وكذلك إنْ قَبِل في سعيد بن المسيب قول عكرمة، وفي الشعبي وأهل الحجاز وأهل مكة وأهل الكوفة وأهل الشام على الجملة، وفي مالك والشافعي وسائر من=