للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

لفظًا، خلافًا لبعض الظَاهريةِ (١)، وأبي إسحاق الشِّيرازي، وأبي الفَتح سُلَيم الرَّازي، وأبي نَصْر بن الصَّبَّاغ (٢)، فإنَّهم اشترطوا نُطقَ الشَّيخ بذلك.


= وقد ذهب بعض أهل الظاهر إلى أنه لا بد من التصريح بالتقرير، وفيما ذكرناه أوضح الرد عليهم".
وصرح في "البرهان" (١/ ٤١٢ - ٤١٣) بدليل الجواز، وذكر الاعتراض عليه ودفعه، فقال: "ولو كان الحديثُ يقرأ والشيخ يسمع، نُظر: فإن كان يحيط بما يحرِّفُه القارئ، ولو فُرض منه تصريفٌ وتحريفٌ لرده، فسكوته والأخبار التي تقرأ بمثابة نطقه، والحديث يستند بذلك. فإن قيل: هذا تنزيل منكم للسكوت منزلة القول، وهذا من خصائص من يجب له العصمة. قلنا: إخباره تصريحًا ونطقًا كان تحميلًا للرواية من جهة أنه أفْهَمَ بما أسمعَ السامعَ من عباراته. فإذا كان الحديثُ يُقرأ وهو يقرر ولا يأبي، مع استمرار العادات في أمثال ذلك؛ فهذا على الضرورة حالٌّ محل التصريح بتصديق القارئ. ومن لم يفهم من هذه القرائن ما ذكرناه، فلا يفهم أيضًا من الإخبار النطقي.
وأما ما ذكره السائل من أن السكوت إنما ينزل منزلة التقرير من يجب عصمته، فيقال: السكوت مع القرائن التي وصفناها ينزل منزلة النطق، ثم النطق ممن لا يُعصم عرضة الزلل أيضًا، ولكنا تُعبّدنا بالعمل بظواهر الظنون، مع العلم بتعرض النقلة لإمكان الزلل، وتعمد الخَلْف والكذب. ثم ما ذكرناه يتأيد بإجماع أهل الصناعة، في زالوا يكتفون بما وصفناه في تلقي الأحاديث من المشايخ، وهذا إذا كان الشيخ يدري ما يجري".
قلت: وهذا التفصيل هو المعتمد عند أئمة الحديث، وعليه العمل عند جماهيرهم، انظر: "الإلماع" (٧٨)، "الكفاية" (٢٨٠ - ٢٨١، ٣٠٩)، "التبصرة والتذكرة" (٢/ ٣٨)، "فتح المغيث" (٢/ ٣٦)، "جامع الأصول" (١/ ٧٩).
(١) انظر: "الإحكام" لابن حزم (٢/ ٢٣٢) ونقله مُغُلْطاي في "إصلاح كتاب ابن الصلاح" (ق ٣٥/ أ) عن الحميدي منهم، وسيأتي كلامه قريبًا إن شاء اللّه تعالى.
(٢) انظر: "جامع الأصول" (١/ ٧٩)، "الإحكام" للآمدي (٢/ ١٠٠)، "اللمع" للشيرازي (٨١)، "فتح المغيث" (٢/ ٣٧ - ٣٨)، "التبصرة والتذكرة" (٤/ ٣٩)، "المنهل الروي" (٨٢).

<<  <   >  >>