للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

شيوخه، وكتابهما أصحُّ كتب بعد كتابِ الله تعالى باتفاق العلماء.

وأمّا قول الشافعي الإمام - رضي الله عنه -: "ما أعلم في الأرض كتابًا في العلم أكثر صوابًا من كتاب مالك"؛ فإنما قاله قبل وجود كتابي البخاري ومسلم (١).


(١) اعترض عليه الشيخ علاء الدين مُغُلْطاي في كتابه "إصلاح كتاب ابن الصلاح" (ق ٦/ ب - ١/ ٧ - النسخة الأزهرية) بأن مالكًا أول من صنف في الصحيح وتلاه أحمد بن حنبل وتلاه الدارمي قال: "وليس لقائل أن يقول: لعله أراد الصحيح المجرد، لأن كتاب مالك فيه البلاغ والمقطوع والمنقطع والفقه وغير ذلك، لوجود مثل ذلك في كتاب البخاري" انتهى، ونقله ابن حجر في "نُكته على ابن الصلاح" (١/ ٢٧٦ - ٢٧٩) وأورد رد العراقي في "التقييد والإيضاح" (ص ٢٥)، وقال:
"وقد أجاب شيخنا - رضي الله عنه - عما يتعلق بالموطا بمأ نصه: "أن مالكًا لم يفرد الصحيح بل أدخل في كتابه المرسل والمنقطع … " إلى آخر كلامه، ثم علق ابن حجر قائلًا:
"وكأن شيخنا لم يستوف النظر في كلام مُغُلْطاي".
وإلا فظاهر قوله مقبول بالنسبة إلى ما ذكره في البخاري من الأحاديث المعلقة وبعضها ليس على شرطه.
بل وفي بعضها ما لا يصح كما سيأتي التنبيه عليه عند ذكر تقسيم التعليق، فقد مزج الصحيح بما ليس منه كما فعل مالك.
وكأن مُغُلْطاي خشي أن يجاب عن اعتراضه بما أجاب به شيخنا من التفرقة فبادر إلى الجواب عنه، لكن الصواب في الجواب عن هذه المسألة أن يقال: ما الذي أراده المؤلف بقوله: أول من صنف الصحيح. هل أراد الصحيح من حيث هو؟ أو أراد الصحيح المعهود الذي فرغ من تعريفه؟
الظاهر أنه لم يرد إلا المعهود، وحينئذ فلا يرد عليه ما ذكره في "الموطأ" وغيره، لأن "الموطأ" وإن كان عند من يرى الاحتجاج بالمرسل والمنقطع وأقوال الصحابة صحيحًا؛ فليس ذلك على شرط الصحة المعتبرة عند أهل الحديث، والفرق بين ما فيه من المقطوع والمنقطع وبين ما في البخاري =

<<  <   >  >>