ويشتموا فترى الألوان مشرقة... لا عفو ذلّ ولكن عفو إكرام
{وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} أي: يثيبهم على إحسانهم. قال سريّ السّقطي-رحمه الله تعالى- الإحسان أن تحسن وقت الإمكان، فليس كلّ وقت يمكنك الإحسان، قال الشاعر: [البسيط]
بادر بخير ما كنت مقتدرا... فليس في كلّ وقت أنت مقتدر
وقال أبو العباس الجماني، فأحسن: [الخفيف]
ليس في كلّ ساعة وأوان... تتهيّأ صفائح الإحسان
وإذا أمكنت فبادر إليها... حذرا من تعذّر الإمكان
هذا؛ وللإحسان المقبول شرطان: أحدهما: أن يكون خالصا لوجه الله تعالى. والثاني: أن يكون موافقا للشريعة؛ التي جاء بها محمّد صلّى الله عليه وسلّم. فمتى اختلّ شرط منهما؛ كان العمل غير مقبول قطعا.
الإعراب: {الَّذِينَ:} يجوز فيه ثلاثة أوجه: الأول: الجر على أنّه صفة ل (المتقين) أو بدل منه. والثاني: النصب على إضمار فعل، تقديره: أعني، أو أمدح. والثالث: الرّفع من وجهين:
أحدهما: أنه خبر لمبتدإ محذوف، تقديره: هم الذين. والثاني: أنه مبتدأ، خبره ما بعده، وهو مبني على الفتح في محل جرّ، أو في محل نصب، أو في محل رفع. {يُنْفِقُونَ:} فعل مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله، والمفعول محذوف، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محلّ لها. {فِي السَّرّاءِ:} متعلقان بما قبلهما. {وَالضَّرّاءِ:} معطوف على ما قبله. {وَالْكاظِمِينَ:}
معطوف على: {الَّذِينَ} على الجر والنصب، ولم يقرأ بالرفع، وفاعله مستتر فيه. {الْغَيْظَ:}
مفعول به ب ({الْكاظِمِينَ}). {وَالْعافِينَ:} معطوف على: ({الْكاظِمِينَ}) على الوجهين المعتبرين فيه، والياء هي النائبة مناب الكسرة، أو الفتحة في الاسمين؛ لأنهما صفتا جمع مذكر سالم، والنون فيهما عوض من التنوين في الاسم المفرد. {عَنِ النّاسِ:} متعلقان ب ({الْعافِينَ}) قبلهما، وهما في محل نصب مفعول به، وفاعله مستتر فيه. ({اللهُ}): مبتدأ. {يُحِبُّ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى ({اللهُ}). {الْمُحْسِنِينَ:} مفعول به منصوب... إلخ، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية: ({اللهُ يُحِبُّ..}.) إلخ معترضة بين المتعاطفين مقرّرة لمحبّة الله للمحسنين.
{وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٣٥)}
الشرح: {وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً:} يعني: فعلة فاحشة خارجة عمّا أذن الله فيه.
والفاحشة: ما عظم قبحه من الأفعال، والأقوال. وقال جابر بن عبد الله-رضي الله عنه-: