سورة (سبأ) مكية بالإجماع، وهي أربع وخمسون آية، وثمانمائة، وثلاث وثلاثون كلمة، وألف وخمسمائة واثنا عشر حرفا. انتهى. خازن. وسميت سورة (سبأ) لأن الله تعالى ذكر فيها قصة سبأ، كما ستعرفه مفصلا بعونه تعالى.
الشرح:{الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ:} معناه: أن كل نعمة، فهو الحقيق بأن يحمد، ويثنى عليه من أجلها. ولما قال: الحمد لله؛ وصف ملكه، فقال:{الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ} أي: ملكا، وخلقا، وعبيدا. {وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ} أي: كما له الحمد في الدنيا؛ إذ النعم في الدارين منه جلت قدرته؛ غير أن الحمد في الدنيا واجب؛ لأنها دار تكليف، وفي الآخرة غير واجب لعدم التكليف، لذا فإن في الكلام حذفا، التقدير: وله الحمد في الدنيا. وهذا الحذف لدلالة الآخرة عليها، وإنما يحمده أهل الجنة سرورا بالنعيم، وتلذذا بما نالوا من الأجر العظيم؛ حيث يقولون بعد دخولهم الجنة:{الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ..}. إلخ الآية رقم [٧٤] من سورة (الزمر)، ويقولون:{الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ} الآية رقم [٣٤] من سورة (فاطر). هذا؛ والآخرة: الحياة الثانية الأبدية، التي تكون بعد الموت، ثم البعث، والنشور، والحساب، والجزاء، وهي في الجنة لمن آمن وعمل صالحا، أو في النار لمن كفر، وعمل سيئا. ورحم الله من يقول:[البسيط]
الموت باب وكلّ النّاس داخله... فليت شعري بعد الباب ما الدّار؟
ورحم الله من أجابه بقوله:[البسيط]
الدّار جنّة عدن إن عملت بما... يرضي الإله، وإن خالفت فالنّار
هما محلاّن ما للناس غيرهما... فانظر لنفسك ماذا أنت مختار؟