الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه والجملة الاسمية مستأنفة لا محل لها. {هُمْ:} ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، {فِيها:} جار ومجرور متعلقان بما بعدهما.
{خالِدُونَ:} خبر المبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه الواو... إلخ، والجملة الاسمية هذه في محل نصب حال من {أَصْحابُ النّارِ،} والعامل في الحال اسم الإشارة لما فيه من معنى الفعل، والرابط: الضمير فقط، وجوز اعتبارها خبرا ثانيا ل {أُولئِكَ،} والأول أقوى؛ لأنّ لها نظائر مثل قوله تعالى:{وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً}.
الشرح: لما ذكر الله تعالى الإيمان بالله وصفاته القدسية العلية، وذكر ولايته للمؤمنين، وولاية الطاغوت للكافرين؛ ذكر هنا نموذجا عن تحكم الطغيان في نفوس الكفرة المعاندين، ومجادلتهم في وحدانية الله، فذكرها هنا قصصا ثلاثة: الأولى في بيان إثبات الخالق الحكيم، والثانية، والثالثة في إثبات الحشر، والبعث بعد الفناء.
{أَلَمْ تَرَ..}. إلخ: الخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم أو لكل أحد، والاستفهام تعجب وتشويق إلى استماع ما بعده إن كان المخاطب لم يعلم بحال المذكورين، أو استفهام تقرير إن كان المخاطب يعلم بحال المذكورين، ويجوز أن يخاطب به من لم ير، ولم يسمع؛ لأن هذا الكلام جرى مجرى المثل في معنى التعجب.
{إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ:} هو النّمرود بن كوش، بن كنعان، بن سام، بن نوح النبي، على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام، كان ملك زمانه، وهو أوّل من وضع التاج على رأسه، وتجبّر في الأرض، وادّعى الرّبوبية، وهو صاحب النّار، والبعوضة، وكان هلاكه كما يلي:
طلب المحاربة مع الله تعالى، ففتح الله عليه بابا من البعوض، فستروا عين الشّمس، وأكلوا عسكره، ولم يتركوا إلا العظام بعد أن أكلوا لحومهم، وشربوا دماءهم، ودخلت واحدة منها في دماغه، فأكلته؛ حتّى صارت مثل الفأرة، فكان أرحم الناس به من يجمع له يديه، ثمّ يضرب بهما رأسه، فبقي في ذلك أربعين يوما، وقيل: أربعين سنة، ثم انفجر رأسه وخرجت، وهي تقول: هذا جزاء من يحارب الله، وكان ملكه فيما ذكروا أربعمائة عام.