{فَكَذَّبْنا وَقُلْنا ما نَزَّلَ اللهُ..}. إلخ أي: كذبنا الرسل، وأفرطنا في التكذيب حتى نفينا الإنزال، والإرسال رأسا، وبالغنا في نسبتهم إلى الضلال. وال {نَذِيرٌ} إما بمعنى الجمع؛ لأنه فعيل، أو مصدر مقدر بمضاف، أي: أهل إنذار، أو منعوت به للمبالغة، أو الواحد، والخطاب له ولأمثاله على التغليب، أو إقامة تكذيب الواحد مقام تكذيب الكل، أو على أن المعنى: قالت الأفواج:
قد جاء إلى كل فوج منا رسول من الله فكذبناهم، وضللناهم. ويجوز أن يكون الخطاب من كلام الزبانية للكفار على إرادة القول، ومرادهم بالضلال: الهلاك، أو سمّوا جزاء الضلال باسمه، كما يسمى جزاء السيئة، والاعتداء: سيئة، واعتداء. ويسمى المشاكلة في علم البيان، أو كلام الرسل لهم حكوه للخزنة، أي: قالوا لنا هذا، فلم نقبله. انتهى بيضاوي، ونسفي.
هذا؛ ومثل الآية قوله تعالى في سورة (الزمر) رقم [٧١]: {وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا قالُوا بَلى وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ}.
الإعراب:{قالُوا:} ماض، وفاعله، والألف للتفريق {بَلى:} حرف جواب في محل نصب مقول القول. {قَدْ:} حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال. {جاءَنا:} فعل ماض، (ونا):
مفعول به {نَذِيرٌ:} فاعله، والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول، وجملة:{قالُوا..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. {فَكَذَّبْنا:} الفاء: استئنافية. (كذبنا): فعل، وفاعل، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها. {وَقُلْنا:} الواو: حرف عطف. (قلنا): فعل، وفاعل. {ما:} نافية.
{نَزَّلَ:} فعل ماض. {اللهُ:} فاعله. {مِنْ:} حرف جر صلة. {شَيْءٍ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول، وجملة:{وَقُلْنا..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب مقول القول أيضا. {إِنْ:} حرف نفي بمعنى «ما». {أَنْتُمْ:} ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {إِلاّ:} حرف حصر. {فِي ضَلالٍ:} متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ. {كَبِيرٍ:} صفة {ضَلالٍ،} والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول ل: {قالُوا} إن كانت من مقول الكافرين، أو هي في محل نصب مقول القول لقول محذوف؛ إن كانت من مقول الزبانية. تأمل، وتدبر.
الشرح:{وَقالُوا لَوْ كُنّا نَسْمَعُ:} كلام الرسل في الدنيا، فنقبله جملة من غير بحث، وتفتيش اعتمادا على ما لاح من صدقهم بالمعجزات. {أَوْ نَعْقِلُ} أي: لو كانت لنا عقول ننتفع بها لما كنا على ما كنا عليه من الكفر بالله، والاغترار به، ولكن لم يكن لنا فهم نعي به ما جاءت به