قوله: {فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ} مجاز مرسل، علاقته الحالية؛ أي: جنته؛ لأنّ الرحمة لا يحل فيها الإنسان؛ لأنها معنى من المعاني، وإنما يحل في مكانها، فاستعمال الرحمة مجاز أطلق فيه الحال، وأريد المحل.
الإعراب: {فَأَمَّا:} الفاء: حرف استئناف، وتفريع. (أما): أداة شرط، وتفصيل، وتوكيد.
أما كونها أداة شرط؛ فلأنها قائمة مقام الشرط وفعله، بدليل لزوم الفاء بعدها؛ إذ الأصل: مهما يك من شيء فأما الذين... إلخ، فأنيبت (أمّا) مناب: «مهما يك من شيء» فصار: أما الذين آمنوا... إلخ، وأما كونها أداة تفصيل؛ فلأنها في الغالب مسبوقة بكلام مجمل، وهي تفصله، ويعلم ذلك من تتبع مواقعها، وأما كونها أداة توكيد، فلأنها تحقق الجواب، وتفيد: أنه واقع لا محالة؛ لأنها علقته على أمر متيقن.
{الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ، وجملة: {آمَنُوا} مع المتعلق المحذوف صلة الموصول، والتي بعدها معطوفة عليها، لا محلّ لها. {الصّالِحاتِ:}
مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث سالم. {فَيُدْخِلُهُمْ:}
الفاء: واقعة في جواب (أما). (يدخلهم): مضارع، والهاء مفعول به. {رَبُّهُمْ:} فاعل، والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {فِي رَحْمَتِهِ:}
متعلقان بالفعل قبلهما، والهاء في محل جر بالإضافة، وجملة: (يدخلهم...) إلخ في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية: {فَأَمَّا الَّذِينَ..}. إلخ لا محلّ لها؛ لأنّها مستأنفة، ومفرعة عما قبلها، لا محل لها. {ذلِكَ:} اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب، لا محل له. {هُوَ:} مبتدأ ثان. {الْفَوْزُ:} خبره. {الْمُبِينُ:} صفة له، والجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ. هذا؛ وإن اعتبرت الضمير فصلا ف: {الْفَوْزُ} خبر {ذلِكَ،} وعلى الوجهين فالجملة الاسمية مستأنفة، لا محلّ لها.
{وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ (٣١)}
الشرح: {وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا:} معطوف على ما قبله، فهو من باب المقابلة بين الفريقين:
فريق الإيمان والمؤمنين، وفريق الكفر والكافرين. انظر ما ذكرته في الآية رقم [٧٤] من سورة (الزخرف) وإنك لتجد مثل هذه المقابلة، وبنصها في سورة (آل عمران) رقم [٥٦] و [٥٧] وفي سورة (النساء) رقم [١٧٣]. {أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي..}. إلخ: أي: فيقال لهم: ألم تأتكم رسلي، فلم تكن آياتي تتلى عليكم، فحذف القول والمعطوف عليه اكتفاء بالمقصود، واستغناء بالقرينة.
انتهى. بيضاوي وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٥١] من سورة (الزخرف) في شرح: (أفلا).
{فَاسْتَكْبَرْتُمْ} أي: عن الإيمان بالله، ورسوله، وآياته. {وَكُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ} أي: كافرين، منكرين،