عن ابن عباس-رضي الله عنهما-: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قرأ هذه الآية، ثمّ قال: «لو أنّ قطرة من الزّقوم، قطرت في الدّنيا؛ لأفسدت على أهل الدّنيا معايشهم، فكيف بمن تكون طعامه؟!» رواه الترمذي، والنسائي وابن ماجة. وانظر إعلال: {تُقاتِهِ} في الآية رقم [٢٨] مع اختلاف المعنى هنا، وهناك.
الإعراب: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا:} انظر الآية رقم [١٠٠]. {اِتَّقُوا:} فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية مبتدأة كالجملة الندائية قبلها، لا محلّ لها مثلها. {اللهَ:} منصوب على التعظيم. {حَقَّ:} نائب مفعول مطلق، وهو مضاف، و {تُقاتِهِ} مضاف إليه، والهاء في محل جر بالإضافة. {وَلا:} الواو: حرف عطف. ({لا}): ناهية. {تَمُوتُنَّ:}
فعل مضارع مجزوم ب ({لا}) الناهية، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، وواو الجماعة المحذوفة المدلول عليها بالضمة فاعله، ونون التوكيد حرف لا محلّ له، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها. {إِلاّ:} حرف حصر. {وَأَنْتُمْ:} الواو: واو الحال.
({أَنْتُمْ}): ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {مُسْلِمُونَ:} خبر المبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة؛ لأنّه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، والجملة الاسمية في محل نصب حال مستثنى من واو الجماعة مستثنى من عموم الأحوال، والرابط: الواو، والضمير. وهذه الجملة مذكورة بحروفها في سورة (البقرة) [١٣٢].
{وَاِعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاُذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٠٣)}
الشرح: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً:} الحبل: لفظ مشترك بين معان كثيرة، وأصله في اللغة: السبب الذي يتوصّل به إلى البغية، والحاجة، وهو: حبل العاتق بين العنق، والمنكب.
والحبل: المستطيل من الرّمل، ومنه الحديث: والله ما تركت من حبل إلا وقفت عليه؛ فهل لي من حجّ، والحبل: رسن الدّابة، والحبل: العهد، قال الأعشى: [الكامل]
وإذا تجوّزها حبال قبيلة... أخذت من الأخرى إليك حبالها
يريد الأمان، والحبل: الدّاهية، قال كثيّر عزّة: [الطويل]
فلا تعجلي يا عزّ أن تتفهّمي... بنصح أتى الواشون أم بحبول
وقال ابن مسعود-رضي الله عنه-: حبل الله: القرآن، وعن عليّ-رضي الله عنه-مرفوعا:
القرآن حبل الله المتين، وصراطه المستقيم. وروى ابن مردويه عن ابن مسعود-رضي الله عنه-