للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا؛ وقال الليث: البلد: كل موضع من الأرض، عامر، وغير عامر، خال، أو مسكون، والطائفة بلدة، والجمع بلاد. زاد غيره، والمفازة تسمى: بلدة لكونها مسكن الوحش والجن، وأورد بيت الأعشى من معلقته رقم [٣٥]: [البسيط]

وبلدة مثل ظهر الترس موحشة... للجنّ بالّليل في حافاتها زجل

وقول جران العود-وهو الشاهد رقم [٤١٨] من كتابنا: «فتح رب البرية» -: [الرجز]

وبلدة ليس بها أنيس... إلاّ اليعافير وإلاّ العيس

وهي مؤنثة، كما ترى، ومنه قوله تعالى في كثير من الآيات. قال تعالى في سورة (النمل) رقم [٩١]: {إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها،} وقال في سورة (ق) رقم [١١]:

{وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً..}. إلخ وقد ورد في القرآن الكريم لفظ: بلد، وبلدة، وبلاد بكثرة.

الإعراب: {وَالتِّينِ:} جار ومجرور متعلقان بفعل محذوف، تقديره: أقسم. وانظر ما ذكرته في أول (المرسلات) و (النازعات) و (الذاريات). (الزيتون وطور): معطوفان على (التين)، و (طور) مضاف، و {سِينِينَ} مضاف إليه مجرور وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة، وبعضهم يعتبره مجرورا بالياء، وهو ضعيف. {وَهذَا:} الواو: حرف عطف. الهاء: حرف تنبيه لا محل له. (ذا): اسم إشارة مبني على السكون في محل جر معطوف على التين. {الْبَلَدِ:} بدل من اسم الإشارة، أو عطف بيان عليه. {الْأَمِينِ:} صفة {الْبَلَدِ}.

{لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤) ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ (٥)}

الشرح: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ..}. إلخ أي: في أحسن صورة، وأجمل شكل؛ لأنه تعالى خلق كل شيء منكبا على وجهه، وخلق الإنسان مستويا، وله لسان ناطق، ويد وأصابع يقبض بها، وهو مزين بالعقل، مؤد للأمر، مهذب بالتمييز، مديد القامة، يتناول مأكوله بيده، فإن الله خلقه حيا عالما، قادرا مريدا متكلما، سميعا، بصيرا، مدبرا، حكيما. وهذه صفات الرب سبحانه، وعبر عنها البيان بقوله صلّى الله عليه وسلّم: «إن الله خلق آدم على صورته». يعني: على صفاته التي قدمنا ذكرها. وفي رواية: «إنّ الله خلق آدم على صورة الرحمن». ومن أين تكون للرحمن صورة متشخصة؟ فلم يبق إلا أن تكون معاني. انتهى. قرطبي بتصرف. هذا؛ وإن (أل) في {الْإِنْسانَ} لاستغراق الجنس بمعنى: كل إنسان، لذا صح الاستثناء الآتي منه. هذا؛ فلو قال: إن لم يكن وجهك أحسن من القمر، أو إن لم أكن أحسن من القمر، فأنت طالق؛ لم تطلق، وإن كان زنجيا أسود. هذا؛ وأراد ب‍: (التقويم) القوام؛ لأن التقويم فعل الباري تعالى، وهو من أوصاف الخالق، لا المخلوق.

<<  <  ج: ص:  >  >>