الشرح:{وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ:} جبالا ثوابت، وفي غيرها من الآيات:{رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ} و {رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ}. {مِنْ فَوْقِها:} مرتفعة عليها، ليظهر للنظار ما فيها من وجوب الاستبصار، وتكون منافعها معرضة للطلاب. فإن قيل: ما الفائدة في قوله: {مِنْ فَوْقِها؟} أجيب بأنه تعالى لو جعل لها رواسي من تحتها لتوهم: أنها التي أمسكتها عن النزول، ولكنه تعالى جعل هذه الجبال الثقال فوقها ليرى الإنسان بعينه: أن الأرض، والجبال الثقال مفتقرة إلى ممسك، وحافظ، وما هو إلا الله الفاعل القادر، المختار.
{وَبارَكَ فِيها} أي: في الأرض بكثرة الخيرات الحاصلة فيها، وهو ما خلق فيها من البحار، والأنهار، والأشجار، والثمار، والزروع، وخلق جميع أصناف الحيوانات، وكل ما يحتاج إليه.
{وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها:} قال محمد بن كعب القرظي: قدر الأقوات قبل أن يخلق الخلق، والأبدان؛ أي: أقواتا تنشأ منها بأن خص حدوث كل قوت بقطر من الأقطار، فأضاف القوت إلى الأرض، لكونه متولدا من تلك الأرض حادثا فيها، وذلك؛ لأن الله تعالى جعل كل بلدة معدة لنوع من الأشياء المطلوبة، حتى إن أهل هذه البلدة يحتاجون إلى الأشياء المتولدة في تلك البلدة، وبالعكس، فصار هذا المعنى سببا لرغبة الناس في التجارات، واكتساب الأموال، لتنتظم عمارة الأرض كلها باحتياج بعضهم إلى بعض، فكان جميع ما تقدم من إبداعها، وإيداعها ما ذكر من متاعها دفعة واحدة على مقدار لا يتعداه، ومنهاج بديع دبّره في الأزل، وارتضاه، وقدره، فأمضاه، لا ينقص عن حاجة المحتاجين أصلا، وإنما ينقص توصلهم، أو توصل بعضهم إليه، فلا يجد حينئذ ما يكفيه، وفي الأرض أضعاف كفايته. انتهى. نقلا من الخطيب.
{فِي أَرْبَعَةِ أَيّامٍ} أي: في تمام أربعة أيام؛ أي: باليومين اللذين خلق فيهما الأرض، ولولا هذا التقدير لكانت الأيام ثمانية: يومان في الأول. وهو خلق الأرض في يومين، ويومان في الأخير، وهو قوله:{فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ} وأربعة في الوسط. {سَواءً} أي: استوت الأيام الأربعة استواء، لا تزيد، ولا تنقص. {لِلسّائِلِينَ} أي: هذا الحصر في أربعة أيام تامة للسائلين عن مدة خلق الأرض، وما فيها. أو الجار والمجرور متعلقان ب:(قدّر)؛ أي: قدر فيها الأقوات للطالبين لها.