هذا؛ والنوم قسمان: نوم العين، ونوم القلب، فنوم العين: فترة طبيعية تعتري الحيوان، وتتعطل حواسه بها، وأما نوم القلب: فهو تعطيل القوى المدركة. والثاني: لم يقع من النبي صلّى الله عليه وسلّم؛ لأن قلبه لا ينام، كما في حديث الصحيحين عنه صلّى الله عليه وسلّم أنه قال:«إنّ عينيّ تنامان، ولا ينام قلبي».
ورحم الله البوصيري إذ قال:[البسيط]
لا تنكر الوحي من رؤياه إنّ له... قلبا إذا نامت العينان لم ينم
هذا؛ والمنام مصدر ميمي بمعنى النوم، أو هو اسم مكان بمعنى موضعه، أو اسم زمان بمعنى زمانه؛ لأن «مفعلا» يصلح لهذا كله. هذا؛ والنوم هو الموتة الصغرى، لذا أرشدنا سيد الخلق، وحبيب الحق صلّى الله عليه وسلّم أن نقول عند القيام من النوم:«سبحان من أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور». والجنة لا نوم فيها، انظر الآية رقم [٢٤] الآتية.
الإعراب:{أَلَمْ:}(الهمزة): حرف استفهام، وتقرير. (لم): حرف نفي، وقلب، وجزم.
{نَجْعَلِ:} فعل مضارع مجزوم ب: (لم)، والفاعل مستتر تقديره:«نحن». {الْأَرْضَ:} مفعول به أول. {مِهاداً:} مفعول به ثان، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها. {وَالْجِبالَ أَوْتاداً:}
معطوفان على:{الْأَرْضَ مِهاداً}. {وَخَلَقْناكُمْ:} فعل، وفاعل، ومفعول به. {أَزْواجاً:} حال من الكاف والميم بمعنى متجانسين متشابهين. قال مكي: وخلق بمعنى: ابتدع، فلذلك لا يتعدى إلا إلى مفعول واحد. أقول: ولا مانع من اعتبار خلق بمعنى: جعل، فتكون قد نصبت مفعولين، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها، والجمل الثلاث الآتية معطوفة عليها أيضا، وإعرابها واضح إن شاء الله تعالى، وهي: {وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً (٩) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً (١٠) وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً}.
الشرح:{وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً} أي: وبنينا فوقكم أيها الناس سبع سموات، محكمة الخلق، بديعة الصنع، متينة في إحكامها، وإتقانها، لا تتأثر بمرور العصور والأزمان، خلقناها بقدرتنا لتكون كالسقف للأرض، كقوله تعالى في سورة (الأنبياء) رقم [٣٢]: {وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً،} وقال تعالى في سورة (نوح) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام:{أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً} انظر شرحها فإنه جيد. {وَجَعَلْنا سِراجاً وَهّاجاً} أي: وخلقنا لكم شمسا منيرة ساطعة، يتوهج ضوءها، ويتوقد لأهل الأرض كلهم، دائمة الحرارة، والتوقد. قال أهل اللغة: الوهاج: المتوقد الشديد الإضاءة؛ الذي يضطرم، ويلتهب من شدة لهبه.