في فصل نعقده بعد الوقعة، ونذكر أسماءهم على حروف المعجم إن شاء الله.
ففي صحيح البخاري عن البراء. قال: كنا نتحدث أن أصحاب بدر ثلاثمائة وبضع عشرة على عدة أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر، وما جاوزه معه إلا مؤمن. وللبخاريّ أيضا عنه. قال استصغرت أنا وابن عمر يوم بدر وكان المهاجرون يوم بدر نيفا على ستين، والأنصار نيفا وأربعون ومائتان. وروى الامام احمد عن نصر بن رئاب عن حجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس أنه. قال: كان أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر، وكان المهاجرون ستة وسبعين وكان هزيمة أهل بدر لسبع عشرة مضين من شهر رمضان يوم الجمعة. وقال الله تعالى ﴿إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلكِنَّ اللهَ سَلَّمَ﴾ الآية. وكان ذلك في منامه تلك الليلة وقيل إنه نام في العريش وأمر الناس أن لا يقاتلوا حتى يأذن لهم، فدنا القوم منهم فجعل الصديق يوقظه ويقول يا رسول الله دنوا منا فاستيقظ، وقد أراه الله إياهم في منامه قليلا. ذكره الأموي وهو غريب جدا. وقال تعالى ﴿وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ اِلْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً﴾. فعند ما تقابل الفريقان قلل الله كلا منهما في أعين الآخرين ليجترئ هؤلاء على هؤلاء وهؤلاء على هؤلاء لما له في ذلك من الحكمة البالغة، وليس هذا معارض لقوله تعالى في سورة آل عمران ﴿قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ اِلْتَقَتا، فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ﴾ فان المعنى في ذلك على أصح القولين أن الفرقة الكافرة ترى الفرقة المؤمنة مثلي عدد الكافرة على الصحيح أيضا، وذلك عند التحام الحرب والمسابقة أوقع الله الوهن والرعب في قلوب الذين كفروا فاستدرجهم أولا بان أراهم إياهم عند المواجهة قليلا، ثم أيد المؤمنين بنصره فجعلهم في أعين الكافرين على الضعف منهم حتى وهنوا وضعفوا وغلبوا. ولهذا قال ﴿وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ﴾. قال إسرائيل عن أبى إسحاق عن أبى عبيد وعبد الله. لقد قللوا في أعيننا يوم بدر حتى أنى لأقول لرجل الى جنبي أتراهم سبعين؟ فقال أراهم مائة.
قال ابن إسحاق: وحدثني أبى إسحاق بن يسار وغيره من أهل العلم عن أشياخ من الأنصار قالوا: لما اطمأن القوم بعثوا عمير بن وهب الجمحيّ فقالوا احزر لنا القوم أصحاب محمد، قال فاستجال بفرسه حول العسكر ثم رجع اليهم فقال ثلاثمائة رجل يزيدون قليلا، أو ينقصون ولكن أمهلونى حتى انظر أللقوم كمين أو مدد. قال فضرب في الوادي حتى أبعد فلم ير شيئا، فرجع اليهم فقال: ما رأيت شيئا، ولكن قد رأيت يا معشر قريش البلايا تحمل المنايا، نواضح يثرب تحمل الموت الناقع قوم ليس لهم منعة ولا ملجأ الا سيوفهم، والله ما أرى أن يقتل رجل منهم حتى يقتل