من خرج عن الحق مهما قاله أخطأ قال الله تعالى: ﴿اُنْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً﴾.
وقال الامام عبد بن حميد في مسندة حدثني أبو بكر بن أبى شيبة حدثنا على ابن مسهر عن الأجلح هو ابن عبد الله الكندي عن الذيال بن حرملة الأسدي عن جابر بن عبد الله. قال: اجتمع قريش يوما فقالوا انظروا أعلمكم بالسحر والكهانة والشعر فليأت هذا الرجل الّذي فرق جماعتنا وشتت أمرنا وعاب ديننا فليكلمه ولينظر ماذا يرد عليه؟ فقالوا ما نعلم أحدا غير عتبة بن ربيعة. فقالوا: أنت يا أبا الوليد، فأتاه عتبة فقال: يا محمد أنت خير أم عبد الله فسكت رسول الله ﷺ. فقال: أنت خير أم عبد المطلب؟ فسكت رسول الله ﷺ. قال فان كنت تزعم ان هؤلاء خير منك فقد عبدوا الآلهة التي عبت، وان كنت تزعم أنك خير منهم فتكلم حتى نسمع قولك إنا والله ما رأينا سخلة (١) قط اشأم على قومه منك فرقت جماعتنا، وشتت أمرنا، وعبت ديننا، وفضحتنا في العرب حتى لقد طار فيهم أن في قريش ساحرا، وان في قريش كاهنا. والله ما ننتظر إلا مثل صيحة الحبلى أن يقوم بعضنا الى بعض بالسيوف حتى نتفانى: أيها الرجل إن كان انما بك الحاجة جمعنا لك حتى تكون أغنى قريش رجلا، وإن كان إنما بك الباه فاختر أي نساء قريش شئت فلنزوجك عشرا. فقال رسول الله ﷺ:«فرغت؟» قال نعم! فقال رسول الله ﷺ: «بسم الله الرحمن الرحيم ﴿حم * تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ الى ان بلغ ﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ﴾. فقال عتبة: حسبك ما عندك غير هذا؟ قال لا! فرجع الى قريش فقالوا ما وراءك؟ قال: ما تركت شيئا أرى أنكم تكلمونه الا كلمته. قالوا: فهل أجابك؟ فقال نعم! ثم قال لا والّذي نصبها بنية ما فهمت شيئا مما قال غير أنه أنذركم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود. قالوا: ويلك يكلمك الرجل بالعربية لا تدري ما قال؟ قال: لا والله ما فهمت شيئا مما قال غير ذكر الصاعقة. وقد رواه البيهقي وغيره عن الحاكم عن الأصم عن عباس الدوري عن يحيى بن معين عن محمد بن فضيل عن الأجلح به. وفيه كلام، وزاد: وان كنت إنما بك الرئاسة عقدنا ألويتنا لك فكنت رأسا ما بقيت وعنده أنه لما قال: ﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ﴾ أمسك عقبة على فيه وناشده الرحم أن يكف عنه، ولم يخرج الى أهله واحتبس عنهم. فقال أبو جهل: والله يا معشر قريش ما نرى عتبة الاصبأ الى محمد وأعجبه طعامه، وما ذاك الا من حاجة اصابته، انطلقوا بنا اليه فاتوه. فقال أبو جهل: والله يا عتبة ما جئنا الا أنك صبوت الى محمد وأعجبك أمره، فان كان بك حاجة جمعنا لك من أموالنا ما يغنيك عن طعام محمد. فغضب واقسم بالله لا يكلم محمدا ابدا. وقال: لقد علمتم أنى
(١) كذا في الأصلين. وفي النهاية السخل: المولود المحبب الى أبويه.