للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد ، وتعبد اللات والعزى فيقول: - وهو في ذلك - أحد أحد.

قال ابن إسحاق: فحدثني هشام بن عروة عن أبيه قال كان ورقة بن نوفل يمر به وهو يعذب لذلك وهو يقول أحد أحد، فيقول أحد أحد والله يا بلال، ثم يقبل على أمية بن خلف ومن يصنع ذلك به من بنى جمح فيقول: أحلف بالله لئن قتلتموه على هذا لأتخذنه حنانا.

قلت: قد استشكل بعضهم هذا من جهة أن ورقة توفى بعد البعثة في فترة الوحي، وإسلام من أسلم إنما كان بعد نزول ﴿يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ﴾ فكيف يمر ورقة ببلال، وهو يعذب وفيه نظر. ثم ذكر ابن إسحاق مرور أبى بكر ببلال وهو يعذب، فاشتراه من أمية بعبد له أسود فأعتقه وأراحه من العذاب وذكر مشتراه لجماعة ممن أسلم من العبيد والإماء، منهم بلال، وعامر بن فهيرة، وأم عميس (١) التي أصيب بصرها ثم رده الله تعالى لها، والنهدية وابنتها اشتراها من بنى عبد الدار بعثتهما سيدتهما تطحنان لها فسمعها وهي تقول لهما: والله لا أعتقكما أبدا فقال أبو بكر: حل يا أم فلان، فقالت حل أنت أفسدتهما فاعتقهما. قال فبكم هما؟ قالت بكذا وكذا. قال قد أخذتهما وهما حرتان، أرجعا اليها طحينها. قالتا: أو نفرغ منه يا أبا بكر ثم نرده اليها؟ قال: ذلك إن شئتما. واشترى جارية بنى مؤمل - حي من بنى عدي - كان عمر يضربها على الإسلام. قال ابن إسحاق: فحدثني محمد بن عبد الله بن أبى عتيق عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن بعض أهله. قال قال أبو قحافة لابنه أبى بكر: يا بنى إني أراك تعتق ضعافا، فلو أنك إذ فعلت ما فعلت أعتقت رجالا جلداء يمنعونك ويقومون دونك؟ قال فقال أبو بكر: يا أبة إني إنما أريد ما أريد. قال: فتحدث أنه ما أنزل هؤلاء الآيات إلا فيه وفيما قال أبوه ﴿فَأَمّا مَنْ أَعْطى وَاِتَّقى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى﴾ إلى آخر السورة وقد تقدم ما رواه الامام احمد وابن ماجة من حديث عاصم بن بهدلة عن زر عن ابن مسعود. قال أول من أظهر الإسلام سبعة، رسول الله وأبو بكر، وعمار، وأمه سمية، وصهيب، وبلال، والمقداد فاما رسول الله فمنعه الله بعمه، وأبو بكر منعه الله بقومه، وأما سائرهم فأخذهم المشركون فالبسوهم أدرع الحديد وصهروهم في الشمس، فما منهم من أحد إلا وقد واتاهم على ما أرادوا إلا بلالا فإنه هانت عليه نفسه في الله تعالى، وهان على قومه فأخذوه فأعطوه الولدان فجعلوا يطوفون به في شعاب مكة وهو يقول: أحد أحد. ورواه الثوري عن منصور عن مجاهد مرسلا.

قال ابن إسحاق: وكانت بنو مخزوم يخرجون بعمار بن ياسر وبأبيه وأمه - وكانوا أهل بيت إسلام - إذا حميت الظهيرة يعذبونهم برمضاء مكة، فيمر بهم رسول الله فيقول - فيما بلغني -:


(١) كذا في الأصلين. والصحيح أن الّذي أصيب بصرها (زنيرة) وضبطها السهيليّ بكسر الزاى وتشديد النون فكأنها سقطت من الناسخ لأن ابن هشام ذكرها بعد أم عميس.

<<  <  ج: ص:  >  >>