ولد النبي فذلت الاملاك … ونأى الضلال وأدبر الإشراك
ثم انتكس الصم على وجهه. فقال زيد بن عمرو بن نفيل عندي كخبره أيها الملك. قال هات قال أنا في مثل هذه الليلة التي ذكر فيها حديثه خرجت من عند أهلي وهم يذكرون حمل آمنة حتى أتيت جبل أبى قبيس أريد الخلو فيه لأمر رابني إذ رأيت رجلا نزل من السماء له جناحان أخضران، فوقف على أبى قبيس ثم أشرف على مكة فقال: ذل الشيطان وبطلت الأوثان ولد الأمين. ثم نشر ثوبا معه وأهوى به نحو المشرق والمغرب فرأيته قد جلل ما تحت السماء وسطع نور كاد أن يختطف بصرى وهالني ما رأيت. وخفق الهاتف بجناحيه حتى سقط على الكعبة. فسطع له نور أشرقت له تهامة.
وقال: ذكت الأرض وأدت ربيعها. وأومأ إلى الأصنام التي كانت على الكعبة فسقطت كلها. قال النجاشي ويحكما أخبركما عما أصابنى، إني لنائم في الليلة التي ذكرتما في قبة وقت خلوتي، إذ خرج على من الأرض عنق ورأس، وهو يقول حل الويل بأصحاب الفيل، رمتهم طير أبابيل، بحجارة من سجيل هلك الأشرم المعتدي المجرم، وولد النبي الأمي، المكيّ الحرمي، من أجابه سعد، ومن أباه عتد. ثم دخل الأرض فغاب فذهبت أصيح فلم أطق الكلام، ورمت القيام فلم أطق القيام، فصرعت القبة بيدي؟ فسمع بذلك أهلي فجاءوني فقلت احجبوا عنى الحبشة فحجبوهم عنى ثم أطلق عن لساني ورجلي.
وسيأتي إن شاء الله تعالى في قصة المولد رؤيا كسرى في سقوط أربع عشرة شرافة من إيوانه، وخمود نيرانه ورؤيا مونذانه، وتفسير سطيح لذلك على يدي عبد المسيح (١).
وروى الحافظ أبو القاسم بن عساكر في تاريخه في ترجمة الحارث بن هانئ بن المدلج بن المقداد بن زمل بن عمرو العذري عن أبيه عن جده عن أبيه عن زمل بن عمرو العذري قال: كان لبني عذرة صنم يقال له حمام وكانوا يعظمونه وكان في بنى هند بن حرام بن ضبة بن عبد بن كثير بن عذرة وكان سادنه رجلا يقال له طارق وكانوا يعترون عنده. فلما ظهر رسول الله ﷺ سمعنا صوتا يقول يا بنى هند بن حرام. ظهر الحق وأودى صمام ودفع الشرك الإسلام. قال ففزعنا لذلك وهالنا فمكثنا أياما. ثم سمعنا صوتا وهو يقول: يا طارق يا طارق. بعث النبي الصادق، بوحي ناطق، صدع صادع بأرض تهامة، لناصريه السلامة، ولخاذليه الندامة، هذا الوداع منى إلى يوم القيامة. قال زمل فوقع الصنم لوجهه. قال فابتعت راحلة ورحلت حتى أتيت النبي ﷺ مع نفر من قومي وأنشدته شعرا قلته:
إليك رسول الله أعملت نصها … وكلفتها حزنا وغورا من الرمل
لا نصر خير الناس نصرا مؤزرا … واعقد حبلا من حبالك في حبلى
واشهد أن الله لا شيء غيره … أدين به ما أثقلت قدمي نعلى