وفي سادس عشر ربيع الآخر عاد تنكز من مصر إلى الشام، وقد حصل له تكريم من السلطان.
وفي ربيع الأول حصلت زلزلة بالشام وقى الله شرها. وفي يوم الخميس مستهل جمادى الاولى باشر نيابة الحنبلي القاضي برهان الدين الزرعى، وحضر عنده جماعة من القضاة. وفي يوم الجمعة منتصف جمادى الآخرة جاء البريد بطلب القاضي القزويني الشافعيّ إلى مصر، فدخلها في مستهل رجب، فخلع عليه بقضاء قضاة مصر مع تدريس الناصرية والصالحية ودار الحديث الكاملية، عوضا عن بدر الدين بن جماعة لأجل كبر سنه، وضعف نفسه، وضرر عينيه، فجبروا خاطره فرتب له ألف درهم وعشرة أرادب قمح في الشهر، مع تدريس زاوية الشافعيّ، وأرسل ولده بدر الدين إلى دمشق خطيبا بالأموي، وعلى تدريس الشامية البرانية، على قاعدة والده جلال الدين القزويني في ذلك، فخلع عليه في أواخر رجب ثامن عشرين وحضر عنده الأعيان.
وفي رجب كان عرس الأمير سيف الدين قوصون الساقي الناصري، على بنت السلطان، وكان وقتا مشهودا، خلع على الأمراء والأكابر. وفي صبيحة هذه الليلة عقد عقد الأمير شهاب الدين أحمد بن الأمير بكتمر الساقي، على بنت تنكز نائب الشام، وكان السلطان وكيل أبيها تنكز والعاقد ابن الحريري. وخلع عليه وأدخلت في ذي الحجة من هذه السنة في كلفة كثيرة.
وفي رجب جرت فتنة كبيرة بالإسكندرية في سابع رجب، وذلك أن رجلا من المسلمين قد تخاصم هو ورجل من الفرنج، على باب البحر، فضرب أحدهما الآخر بنعل، فرفع الأمر إلى الوالي فأمر بغلق باب البلد بعد العصر، فقال له الناس: إن لنا أموالا وعبيدا ظاهر البلد، وقد أغلقت الباب قبل وقته. ففتحه فخرج الناس في زحمة عظيمة، فقتل منهم نحو عشرة ونهبت عمائم وثياب وغير ذلك، وكان ذلك ليلة الجمعة، فلما أصبح الناس ذهبوا إلى دار الوالي فأحرقوها وثلاث دور لبعض الظلمة، وجرت أحوال صعبة، ونهبت أموال، وكسرت العامة باب سجن الوالي فخرج منه من فيه، فبلغ نائب السلطنة فاعتقد النائب أنه السجن الّذي فيه الأمراء، فأمر بوضع السيف في البلد وتخريبه، ثم إن الخبر بلغ السلطان فأرسل الوزير طيبغا الجمالي سريعا فضرب وصادر، وضرب القاضي ونائبة وعزلهم، وأهان خلقا من الأكابر وصادرهم بأموال كثيرة جدا، وعزل المتولي ثم أعيد، ثم تولى القضاء بهاء الدين علم الدين الأخنائي الشافعيّ الّذي تولى دمشق فيما بعد، وعزل قضاة الاسكندرية المالكي ونائباه، ووضعت السلاسل في أعناقهم وأهينوا، وضرب ابن السنى غير مرة.
وفي يوم السبت عشرين شعبان وصل إلى دمشق قاضى قضاة حلب ابن الزملكانى على البريد فأقام بدمشق أربعة أيام ثم سار إلى مصر ليتولى قضاء قضاة الشام بحضرة السلطان، فاتفق موته