للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو موسى وإنما كان يوشع على مقدمته وذكر في مروره اليها قصة بلعام بن باعور الّذي قال تعالى فيه ﴿وَاُتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ * وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاِتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ. ذلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ * ساءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَأَنْفُسَهُمْ كانُوا يَظْلِمُونَ﴾ وقد ذكرنا قصته في التفسير وأنه كان فيما قاله ابن عباس وغيره يعلم الاسم الأعظم وأن قومه سألوه أن يدعو على موسى وقومه فامتنع عليهم ولما ألحوا عليه ركب حمارة له. ثم سار نحو معسكر بنى إسرائيل فلما أشرف عليهم ربضت به حمارته فضربها حتى قامت فسارت غير بعيد وربضت فضربها ضربا أشد من الأول فقامت ثم ربضت فضربها فقالت له يا بلعام أين تذهب أما ترى الملائكة أمامى تردني عن وجهي هذا أتذهب الى نبي الله والمؤمنين تدعو عليهم فلم ينزع عنها فضربها حتى سارت به حتى أشرف عليهم من رأس جبل حسبان. ونظر الى معسكر موسى وبنى إسرائيل فاخذ يدعو عليهم فجعل لسانه لا يطيعه إلا أن يدعو لموسى وقومه ويدعو على قوم نفسه فلاموه على ذلك فاعتذر اليهم بانه لا يجرى على لسانه إلا هذا واندلع لسانه حتى وقع على صدره وقال لقومه ذهبت منى الآن الدنيا والآخرة ولم يبق إلا المكر والحيلة. ثم أمر قومه أن يزينوا النساء ويبعثوهن بالأمتعة يبعن عليهم ويتعرضن لهم حتى لعلهم يقعون في الزنا فإنه متى زنى رجل منهم كفيتموهم ففعلوا وزينوا نساءهم وبعثوهن الى المعسكر فمرت امرأة منهم سمها كستي برجل من عظماء بنى إسرائيل وهو زمري بن شلوم.

يقال إنه كان رأس سبط بنى شمعون بن يعقوب فدخل بها قبته فلما خلا بها أرسل الله الطاعون على بنى إسرائيل فجعل يحوس فيهم فلما بلغ الخبر الى فنحاص بن العزار بن هارون أخذ حربته وكانت من حديد فدخل عليهما القبة فانتظمهما جميعا فيها ثم خرج بهما على الناس والحربة في يده وقد اعتمد على خاصرته وأسندها الى لحيته ورفعهما نحو السماء وجعل يقول اللهمّ هكذا تفعل بمن يعصيك ورفع الطاعون فكان جملة من مات في تلك الساعة سبعين الفا والمقلل يقول عشرين الفا وكان فنحاص بكر أبيه العزار ابن هارون فلهذا يجعل بنو إسرائيل لولد فنحاص من الذبيحة اللية والذراع واللحى ولهم البكر من كل أموالهم وأنفسهم. وهذا الّذي ذكره ابن إسحاق من قصة بلعام صحيح قد ذكره غير واحد من علماء السلف لكن لعله لما أراد موسى دخول بيت المقدس أول مقدمه من الديار المصرية ولعله مراد ابن إسحاق ولكنه ما فهمه بعض الناقلين عنه وقد قدمنا عن نص التوراة ما يشهد لبعض هذا والله أعلم. ولعل هذه قصة أخرى كانت في خلال سيرهم في التيه فان في هذا السياق ذكر حسبان وهي بعيدة عن أرض بيت المقدس أو لعله كان هذا لجيش موسى الذين عليهم يوشع بن نون حين خرج بهم من التيه قاصدا بيت المقدس كما صرح به السدي. والله أعلم. وعلى كل تقدير فالذي عليه الجمهور أن هارون توفى بالتيه

<<  <  ج: ص:  >  >>