للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا أدعك حتى تعطيني مائة ألف، فأعطاه فجاء مروان فقال: والله يا أمير المؤمنين ما رأيت مثلك، جاءك رجل قد سمى بيت مال الديوان وبيت الخلافة، وبيت كذا، وبيت كذا، فأعطيته مائة ألف، فقال له: ويلك كيف أصنع بابن الزبير؟ وقال ابن أبى الدنيا: أخبرنى عمر بن بكير عن على بن مجاهد بن عروة قال: سأل ابن الزبير معاوية شيئا فمنعه، فقال: والله ما أجهل أن ألزم هذه البنية فلا أشتم لك عرضا ولا أقصم لك حسبا، ولكنى أسدل عما متى من بين يدي ذراعا، ومن خلفي ذراعا في طريق أهل الشام وأذكر سيرة أبى بكر الصديق وعمر فيقول الناس: من هذا؟ فيقولون ابن حواري رسول الله وابن بنت الصديق، فقال معاوية: حسبك بهذا شرفا، ثم قال: هات حوائجك. وقال الأصمعي: ثنا غسان بن نصر عن سعيد بن يزيد. قال: دخل ابن الزبير على معاوية فأمر ابنا له صغيرا فلطمه لطمة دوخ منها رأسه، فلما أفاق ابن الزبير قال للصبي:

ادن منى، فدنا منه، فقال له: الطم معاوية، قال: لا أفعل، قال: ولم؟ قال لأنه أبى، فرفع ابن الزبير يده فلطم الصبى لطمة جعل يدور منها كما تدور الدوامة، فقال معاوية: تفعل هذا بغلام لم تجز عليه الأحكام؟ قال: إنه والله قد عرف ما يضره مما ينفعه، فأحببت أن أحسن أدبه. وقال أبو الحسن على بن محمد المدائني عن عبد الله بن أبى بكر قال: لحق ابن الزبير معاوية وهو سائر إلى الشام فوجده وهو ينعس على راحلته، فقال له: أتنعس وأنا معك؟ أما تخاف منى أن أقتلك؟ فقال:

إنك لست من قتال الملوك، إنما يصيد كل طائر قدره. قال لقد سرت تحت لواء أبى إلى على بن أبى طالب، وهو من تعلمه، فقال: لا جرم قتلكم والله بشماله. قال: أما إن ذلك كان في نصرة عثمان، ثم لم يجز بها. فقال: إنما كان لبغض على لا لنصرة عثمان، فقال له ابن الزبير: إنا قد أعطيناك عهدا فنحن وافون لك به ما عشت، فسيعلم من بعدك، فقال: أما والله ما أخافك إلا على نفسك، وكأنى بك قد خبطت في الحبالة واستحكمت عليك الأنشوطة، فذكرتني وأنت فيها، فقلت ليت أبا عبد الرحمن لها، ليتني والله لها. أما والله لأحللتك رويدا، ولأطلقتك سريعا، ولبئس الولي أنت تلك الساعة. وحكى أبو عبد الله نحو هذا، وقد تقدم أن معاوية لما مات وجاءت بيعة يزيد بن معاوية إلى المدينة انشمر منها ابن الزبير والحسين بن على فقصدا مكة فأقاما بها، ثم خرج الحسين إلى العراق وكان من أمره ما تقدم، وتفرد بالرياسة والسؤدد بمكة ابن الزبير، ولهذا كان ابن عباس ينشد: -

يا لك من قنبرة بمعمرى … خلالك الجو فبيضي واصفرى

ونقري ما شئت أن تنقري

يعرض بابن الزبير. وقيل إن يزيد بن معاوية كتب إلى ابن الزبير يقول: إني قد بعثت إليك بسلسلة من فضة وقيد من ذهب وجامعة من فضة وحلفت لتأتينى في ذلك فأبر قسمي ولا تشق

<<  <  ج: ص:  >  >>