قلت أعلم الناس. وقال يعقوب بن سفيان ثنا أبو النعمان ثنا حماد بن زيد عن الزبير بن الحارث عن عكرمة قال: كان ابن عباس أعلمهما بالقرآن، وكان على أعلمهما بالمبهمات، وقال إسحاق بن راهويه:
إنما كان كذلك لأن ابن عباس كان قد أخذ ما عند على من التفسير، وضم إلى ذلك ما أخذه عن أبى بكر وعمر وعثمان وأبى بن كعب وغيرهم من كبار الصحابة. مع دعاء رسول الله ﷺ له أن يعلمه الله الكتاب. وقال أبو معاوية عن الأعمش عن أبى وائل شقيق بن سلمة قال: خطب ابن عباس وهو على الموسم فافتتح سورة البقرة فجعل يقرؤها ويفسرها فجعلت أقول ما رأيت ولا سمعت كلام رجل مثله، لو سمعته فارس والروم لأسلمت. وقد روى أبو بكر بن عياش عن عاصم بن أبى النجود عن أبى وائل أن ابن عباس حج بالناس عام قتل عثمان فقرأ سورة النور وذكر نحو ما تقدم، فلعل الأول كان في زمان على فقرأ في تلك الحجة سورة البقرة، وفي فتنة عثمان سورة النور، والله أعلم.
وقد روينا عن ابن عباس أنه قال: إنا من الراسخين في العلم الذين يعلمون تأويله، وقال مجاهد:
عرضت القرآن على ابن عباس مرتين أقف عند كل آية فأسأل عنها، وروى عنه أنه قال: أربع من القرآن لا أدرى ما به جيء. الأواه، والحنان، والرقيم، والغسلين. وكل القرآن أعلمه إلا هذه الأربع. وقال ابن وهب وغيره عن سفيان بن عيينة عن عبيد الله بن أبى يزيد. قال: كان ابن عباس إذا سئل عن مسألة فان كانت في كتاب الله قال بها، وإن لم تكن وهي في السنة قال بها، فان لم يقلها رسول الله ﷺ ووجدها عن أبى بكر وعمر قال بها، وإلا اجتهد رأيه، وقال يعقوب بن سفيان: ثنا أبو عاصم وعبد الرحمن بن الشعبي عن كهمس بن الحسن عن عبد الله بن بريدة. قال:
شتم رجل ابن عباس فقال له: إنك لتشتمنى وفي ثلاث خصال، إني لآتي على الآية من كتاب الله فأود أن الناس علموا منها مثل الّذي أعلم، وإني لأسمع بالحاكم من حكام المسلمين يقضى بالعدل ويحكم بالقسط فأفرح به وأدعو إليه، ولعلى لا أقاضى إليه ولا أحاكم أبدا وإني لأسمع بالغيث يصيب الأرض من أرض المسلمين فأفرح به وما لي بها من سائمة أبدا، ورواه البيهقي عن الحاكم عن الأصم عن الحسن بن مكرم عن يزيد بن هارون عن كهمس به. وقال ابن أبى مليكة: صحبت ابن عباس من المدينة إلى مكة، وكان يصلى ركعتين فإذا نزل قام شطر الليل ويرتل القرآن حرفا حرفا، ويكثر في ذلك من النشيج والنحيب ويقرأ ﴿وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ﴾ وقال الأصمعي عن المعتمر بن سليمان عن شعيب بن درهم قال: كان في هذا المكان - وأومأ إلى مجرى الدموع من خديه يعنى خدي ابن عباس - مثل الشراك البالي من البكاء. وقال غيره: كان يصوم يوم الإثنين والخميس، وقال: أحب أن يرتفع عملي وأنا صائم، وروى هاشم وغيره عن على بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس أن ملك الروم كتب إلى معاوية يسأله عن أحب الكلام