للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدين أبوك وأخوك، فقالت زينب: بدين الله ودين أبى ودين أخى وجدي اهتديت أنت وأبوك وجدك. قال: كذبت يا عدوة الله. قالت: أنت أمير المؤمنين مسلط تشتم ظالما وتقهر بسلطانك.

قالت: فو الله لكأنه استحى فسكت، ثم قام ذلك الرجل فقال: يا أمير المؤمنين هب لي هذه. فقال له يزيد: اعزب وهب الله لك حتفا قاضيا. ثم أمر يزيد النعمان بن بشير أن يبعث معهم إلى المدينة رجلا أمينا معه رجال وخيل، ويكون على بن الحسين معهن. ثم أنزل النساء عند حريمه في دار الخلافة فاستقبلهن نساء آل معاوية يبكين وينحن على الحسين، ثم أقمن المناحة ثلاثة أيام، وكان يزيد لا يتغدى ولا يتعشى إلا ومعه على بن الحسين وأخوه عمر بن الحسين، فقال يزيد يوما لعمر بن الحسين - وكان صغيرا جدا - أتقاتل هذا؟ - يعنى ابنه خالد بن يزيد - يريد بذلك ممازحته وملاعبته، فقال: أعطني سكينا وأعطه سكينا حتى نتقاتل، فأخذه يزيد فضمه إليه وقال: شنشنة أعرفها من أخزم، هل تلد الحية إلا حية؟ ولما ودعهم يزيد قال لعلى بن الحسين: قبح الله بن سمية، أما والله لو أنى صاحب أبيك ما سألني خصلة إلا أعطيته إياها، ولدفعت الحتف عنه بكل ما استطعت ولو بهلاك بعض ولدى، ولكن الله قضى ما رأيت، ثم جهزه وأعطاه مالا كثيراً وكساهم وأوصى بهم ذلك الرسول، وقال له: كاتبني بكل حاجة تكون لك، فكان ذلك الرسول الّذي أرسله معهن يسير عنهن بمعزل من الطريق، ويبعد عنهن بحيث يدركهن طرفه وهو في خدمتهم حتى وصلوا المدينة، فقالت فاطمة بنت على:

قلت لأختى زينب: إن هذا الرجل الّذي أرسل معنا قد أحسن صحبتنا فهل لك أن نصله؟ فقالت:

والله ما معنا شيء نصله به إلا حلينا، قالت وقلت لها: نعطيه حلينا، قالت: فأخذت سواري ودملجي، وأخذت أختى سوارها ودملجها وبعثنا به إليه واعتذرنا إليه وقلنا: هذا جزاؤك بحسن صحبتك لنا، فقال: لو كان الّذي صنعت معكم إنما هو للدنيا كان في هذا الّذي أرسلتموه ما يرضيني وزيادة، ولكن والله ما فعلت ذلك إلا لله تعالى ولقرابتكم من رسول الله .

[وقيل إن يزيد لما رأى رأس الحسين قال: أتدرون من أين أتى ابن فاطمة؟ وما الحامل له على ما فعل، وما الّذي أوقعه فيما وقع فيه؟ قالوا: لا! قال: يزعم أن أباه خير من أبى، وأمه فاطمة بنت رسول الله خير من أمى، وجده رسول الله خير من جدي، وأنه خير منى وأحق بهذا الأمر منى، فأما قوله أبوه خير من أبى فقد حاج أبى أباه إلى الله ﷿، وعلم الناس أيهما حكم له، وأما قوله أمه خير من أمى فلعمري إن فاطمة بنت رسول الله خير من أمى، وأما قوله جده رسول الله خير من جدي، فلعمري ما أحد يؤمن بالله واليوم الآخر يرى أن لرسول الله فينا عدلا ولا ندا، ولكنه إنما أتى من قلة فقهه لم يقرأ ﴿قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ﴾

<<  <  ج: ص:  >  >>