للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعث قيس بن مسهر الصيداوي إلى أهل الكوفة، وكتب معه إليهم: بسم الله الرحمن الرحيم، من الحسين بن على إلى إخوانه من المؤمنين والمسلمين، سلام عليكم فانى أحمد إليكم الله الّذي لا إله إلا هو، أما بعد فان كتاب مسلم بن عقيل جاءني يخبرني فيه بحسن رأيكم واجتماع ملئكم على نصرنا، والطلب بحقنا، فنسأل الله أن يحسن لنا الصنيع، وأن يثيبكم على ذلك أعظم الأجر، وقد شخصت إليكم من مكة يوم الثلاثاء لثمان مضين من ذي الحجة يوم التروية، فإذا قدم عليكم رسولي فاكتموا أمركم وجدوا فانى قادم عليكم في أيامى هذه إن شاء الله تعالى، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. قال:

وكان كتاب مسلم قد وصل إليه قبل أن يقتل بسبع وعشرين ليلة، ومضمونه: أما بعد فان الرائد لا يكذب أهله، وإن جميع أهل الكوفة معك، فأقبل حين تقرأ كتابي هذا والسلام عليكم.

قال: وأقبل قيس بن مسهر الصيداوي بكتاب الحسين إلى الكوفة، حتى إذا انتهى إلى القادسية أخذه الحصين بن نمير فبعث به إلى عبيد الله بن زياد فقال له ابن زياد: اصعد إلى أعلا القصر فسب الكذاب ابن الكذاب على بن أبى طالب وابنه الحسين، فصعد فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس! إن هذا الحسين بن على خير خلق الله، وهو ابن فاطمة بنت رسول الله وأنا رسوله إليكم، وقد فارقته بالحاجر من بطن ذي الرمة، فأجيبوه واسمعوا له وأطيعوا. ثم لعن عبيد الله بن زياد وأباه، واستغفر لعلى والحسين. فأمر به ابن زياد فألقى من رأس القصر فتقطع، ويقال بل تكسرت عظامه وبقي فيه بقية رمق، فقام إليه عبد الملك بن عمير البجلي فذبحه، وقال: إنما أردت إراحته من الألم، وقيل إنه رجل يشبه عبد الملك بن عمير وليس به، وفي رواية أن الّذي قدم بكتاب الحسين إنما هو عبد الله بن يقطر أخو الحسين من الرضاعة، فألقى من أعلى القصر والله أعلم.

ثم أقبل الحسين يسير نحو الكوفة ولا يعلم بشيء مما وقع من الأخبار. قال أبو مخنف عن أبى على الأنصاري عن بكر بن مصعب المزني. قال: وكان الحسين لا يمر بماء من مياه العرب إلا اتبعوه، قال قال أبو مخنف عن أبى جناب عن عدي بن حرملة عن عبد الله بن سليم والمنذر بن المشمعل الأسديين قالا: لما قضينا حجنا لم يكن لنا همة إلا اللحاق بالحسين، فأدركناه وقد مر برجل من بنى أسد فهم الحسين أن يكلمه ويسأله ثم ترك، فجئنا ذلك الرجل فسألناه عن أخبار الناس فقال: والله لم أخرج من الكوفة حتى قتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة ورأيتهما يجران بأرجلهما في السوق.

قالا: فلحقنا الحسين فأخبرناه فجعل يقول: ﴿إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ﴾ مرارا. فقلنا له الله الله في نفسك. فقال: لا خير في العيش بعدهما. قلنا: خار الله لك. وقال له بعض أصحابه: والله ما أنت مثل مسلم بن عقيل ولو قد قدمت الكوفة لكان الناس إليك أسرع. وقال غيرهما: لما سمع أصحاب الحسين بمقتل مسلم بن عقيل، وثب عند ذلك بنو عقيل بن أبى طالب وقالوا: لا والله

<<  <  ج: ص:  >  >>