للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما إنك لا تدع سوء القتلة وقبح المثلة وخبث السيرة المكتسبة عن كتابكم وجهالكم] (١) وأقبل ابن زياد يشتمه ويشتم حسينا وعليا، ومسلم ساكت لا يكلمه رواه ابن جرير عن أبى مخنف وغيره من رواة الشيعة. ثم قال له ابن زياد: إني قاتلك. قال: كذلك؟ قال: نعم. قال: فدعني أوصى إلى بعض قومي، قال: أوص. فنظر في جلسائه وفيهم عمر بن سعد بن أبى وقاص. فقال: يا عمر إن بيني وبينك قرابة، ولى إليك حاجة، وهي سر فقم معى إلى ناحية القصر حتى أقولها لك، فأبى أن يقوم معه حتى أذن له ابن زياد، فقام فتنحى قريبا من ابن زياد فقال له مسلم: إنّ عليّ دينا في الكوفة سبعمائة درهم فاقضها عنى، واستوهب جثتي من ابن زياد فوارها، وابعث إلى الحسين، فانى كنت قد كتبت إليه أن الناس معه، ولا أراه إلا مقبلا، فقام عمر فعرض على ابن زياد ما قال له فأجاز ذلك له كله، وقال: أما الحسين فإنه لم يردنا لا نرده، وإن أرادنا لم نكف عنه، ثم أمر ابن زياد بمسلم بن عقيل فأصعد إلى أعلا القصر وهو يكبر ويهلل ويسبح ويستغفر ويصلى على ملائكة الله ويقول: اللهمّ احكم بيننا وبين قوم غرّونا وخذلونا، ثم ضرب عنقه رجل يقال له بكير ابن حمران، ثم ألقى رأسه إلى أسفل القصر، وأتبع رأسه بجسده. ثم أمر بهانئ بن عروة المذحجي فضربت عنقه بسوق الغنم، وصلب بمكان من الكوفة يقال له الكناسة، فقال رجل شاعر في ذلك قصيدة: -

فان كنت لا تدرين ما الموت فانظرى … إلى هانئ في السوق وابن عقيل

أصابهما أمر الامام فأصبحا … أحاديث من يغشى بكل سبيل

[إلى بطل قد هشم السيف وجهه … وآخر يهوى في طمار قتيل

ترى جسدا قد غير الموت لونه … ونضح دم قد سال كلّ مسيل

فان أنتم لم تثأروا بأخيكم … فكونوا بغيا أرضيت بقليل

ثم إن ابن زياد قتل معهما أناسا آخرين،] (٢) ثم بعث برءوسهما إلى يزيد بن معاوية إلى الشام، وكتب له كتابا صورة ما وقع من أمرهما وقد كان عبيد الله قبل أن يخرج من البصرة بيوم خطب أهلها خطبة بليغة ووعظهم فيها وحذرهم وأنذرهم من الاختلاف والفتنة والتفرق، وذلك لما

رواه هشام بن الكلبي وأبو مخنف عن الصقعب بن زهير عن أبى عثمان النهدي. قال: بعث الحسين مع مولى له يقال له سلمان كتابا إلى أشراف أهل البصرة فيه: أما بعد فان الله اصطفى محمدا على خلقه وأكرمه بنبوته، واختاره لرسالته، ثم قبضه إليه وقد نصح لعباده وبلغ ما أرسل به، وكنا أهله وأولياءه وورثته وأحق الناس به وبمقامه


(٢،١) سقط من المصرية

<<  <  ج: ص:  >  >>