للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمسلمين، سلام عليكم فانى أحمد الله كثيرا الّذي لا إله إلا هو، أما بعد فان الله بحسن صنيعه وتقديره وتدبيره اختار الإسلام دينا لنفسه وملائكته ورسله، وبعث به الرسل إلى عباده وخص به من انتخب من خلقه، فكان مما أكرم الله به هذه الأمة، وخصهم به من الفضيلة أن بعث محمدا يعلمهم الكتاب والحكمة والفرائض والسنة، لكيما يهتدوا، وجمعهم لكيما يتفرقوا، وزكاهم لكي يتطهروا، ووفقهم لكيلا يجوروا. فلما قضى من ذلك ما عليه قبضه الله إليه، صلوات الله وسلامه عليه وبركاته ورحمته، ثم إن المسلمين استخلفوا بعده أميرين صالحين، عملا بالكتاب، وأحسنا السيرة ولم يعدوا السنة ثم توفاهما الله فرحمهما الله، ثم ولى بعدهما وال أحدث أحداثا، فوجدت الأمة عليه مقالا فقالوا، ثم نقموا عليه فغيروا، ثم جاءوني فبايعوني فأستهدى الله بهداه وأستعينه على التقوى، ألا وإن لكم علينا العمل بكتاب الله وسنة رسول الله، والقيام عليكم بحقه والنصح لكم بالغيب والله المستعان وحسبنا الله ونعم الوكيل، وقد بعثت إليكم قيس بن سعد بن عبادة فوازروه وكانفوه وأعينوه على الحق، وقد أمرته بالإحسان إني محسنكم والشدة على مريبكم والرّفق بعوامكم وخواصكم، وهو ممن أرضى هديه وأرجو صلاحه ونصيحته أسأل الله لنا ولكم عملا زاكيا وثوابا جزيلا ورحمة واسعة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وكتب عبد الله بن أبى رافع في صفر سنة ست وثلاثين قال: ثم قام قيس بن سعد فخطب الناس ودعاهم إلى البيعة لعلى، فقام الناس فبايعوه، واستقامت له طاعة بلاد مصر سوى قرية منها يقال لها خربتا، فيها ناس قد أعظموا قتل عثمان - وكانوا سادة الناس ووجوههم وكانوا في نحو من عشرة آلاف وعليهم رجل يقال له يزيد بن الحارث المدلجي - وبعثوا إلى قيس بن سعد فوادعهم، وكذلك مسلمة بن مدلج الأنصاري تأخر عن البيعة فتركه قيس بن سعد ووادعه، ثم كتب معاوية ابن أبى سفيان - وقد استوثق له أمر الشام بحذافيره - إلى أقصى بلاد الروم والسواحل وجزيرة قبرص أيضا تحت حكمه وبعض بلاد الجزيرة كالرها وحران وقرقيسيا وغيرها، وقد ضوى إليها الذين هربوا يوم الجمل من العثمانية، وقد أراد الأشتر انتزاع هذه البلاد من يد نواب معاوية، فبعث إليه عبد الرحمن بن خالد بن الوليد ففر منه الأشتر، واستقر أمر معاوية على تلك البلاد فكتب إلى قيس بن سعد يدعوه إلى القيام بطلب دم عثمان وأن يكون مؤازرا له على ما هو بصدده من القيام في ذلك، ووعده أن يكون نائبة على العراقين إذا تم له الأمر ما دام سلطانا فلما بلغه الكتاب - وكان قيس رجلا حازما - لم يخالفه ولم يوافقه بل بعث يلاطف معه الأمر وذلك لبعده عن على وقربه من بلاد الشام وما مع معاوية من الجنود، فسالمه قيس وتاركه ولم يواقعه على ما دعاه إليه ولا وافقه عليه:

فكتب إليه معاوية: إنه لا يسعك معى تسويفك بى وخديعتك لي ولا بد أن أعلم أنك سلم أو

<<  <  ج: ص:  >  >>