وقال الامام أحمد ثنا سفيان عن أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة أرسل على أيوب رجل من جراد من ذهب فجعل يقبضها في ثوبه فقيل يا أيوب ألم يكفك ما أعطيناك قال أي رب ومن يستغنى عن فضلك. هذا موقوف. وقد روى عن أبى هريرة من وجه آخر مرفوعا.
وقال الامام احمد حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا أبو هريرة قال قال رسول الله ﷺ(بينما أيوب يغتسل عريانا خر عليه جراد من ذهب فجعل أيوب يحثى في ثوبه فناداه ربه ﷿ (يا أيوب ألم أكن أغنيتك عما ترى) قال بلى يا رب ولكن لا غنى لي عن بركتك. رواه البخاري من حديث عبد الرزاق به وقوله ﴿اُرْكُضْ بِرِجْلِكَ﴾ أي اضرب الأرض برجلك فامتثل ما أمر به فأنبع الله له عينا باردة الماء وأمر أن يغتسل فيها ويشرب منها فأذهب الله عنه ما كان يجده من الألم والأذى والسقم والمرض الّذي كان في جسده ظاهرا وباطنا وأبدله الله بعد ذلك كله صحة ظاهرة وباطنة وجمالا تاما ومالا كثيرا حتى صب له من المال صبا مطرا عظيما جرادا من ذهب واخلف الله له أهله كما قال تعالى ﴿وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ﴾ فقيل أحياهم الله بأعيانهم. وقيل آجره فيمن سلف وعوضه عنهم في الدنيا بدلهم وجمع له شمله بكلهم في الدار الآخرة. وقوله ﴿رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا﴾ أي رفعنا عنه شدته ﴿فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ﴾ رحمة منا به ورأفة وإحسانا ﴿وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ﴾ أي تذكرة لمن ابتلى في جسده أو ماله أو ولده فله أسوة بنبي الله أيوب حيث ابتلاه الله بما هو أعظم من ذلك فصبر واحتسب حتى فرج الله عنه.
ومن فهم من هذا اسم امرأته فقال هي رحمة من هذه الآية فقد أبعد النجعة وأغرق النزع. وقال الضحاك عن ابن عباس رد الله اليها شبابها وزادها حتى ولدت له ستة وعشرون ولدا ذكرا.
وعاش أيوب بعد ذلك سبعين سنة بأرض الروم على دين الحنيفية ثم غيروا بعده دين إبراهيم.
وقوله ﴿خُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوّابٌ﴾ هذه رخصة من الله تعالى لعبده ورسوله أيوب ﵇ فيما كان من حلفه ليضربن امرأته مائة سوط فقيل حلفه ذلك لبيعها ضفائرها. وقيل لأنه عرضها الشيطان في صورة طبيب يصف لها دواء لأيوب فاتته فأخبرته فعرف أنه الشيطان فحلف ليضربها مائة سوط. فلما عافاه الله ﷿ أفتاه أن يأخذ ضغثا وهو كالعثكال الّذي يجمع الشماريخ فيجمعها كلها ويضربها به ضربة واحدة ويكون هذا منزلا منزلة الضرب بمائة سوط ويبر ولا يحنث. وهذا من الفرج والمخرج لمن اتقى الله وأطاعه ولا سيما في حق امرأته الصابرة المحتسبة المكابدة الصديقة البارة الراشدة ﵂. ولهذا عقب الله هذه الرخصة وعللها بقوله ﴿إِنّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوّابٌ﴾ وقد استعمل كثير من الفقهاء هذه الرخصة في باب الايمان والنذور وتوسع آخرون فيها حتى وضعوا كتاب الحيل في الخلاص من الايمان وصدروه بهذه الآية الكريمة