للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: وهذا ذكر سياق سيف وغيره على ما أورده ابن جرير وغيره. قال: ولما توجهت هذه الجيوش نحو الشام أفزع ذلك الروم وخافوا خوفا شديدا، وكتبوا إلى هرقل يعلمونه بما كان من الأمر. فيقال إنه كان يومئذ بمحص، ويقال: كان حج عامه ذلك إلى بيت المقدس. فلما انتهى إليه الخبر. قال لهم: ويحكم إن هؤلاء أهل دين جديد، وإنهم لا قبل لأحد بهم، فأطيعوني وصالحوهم بما تصالحونهم على نصف خراج الشام ويبقى لكم جبال الروم، وإن أنتم أبيتم ذلك أخذوا منكم الشام وضيقوا عليكم جبال الروم. فنخروا من ذلك نخرة حمر الوحش كما هي عاداتهم في قلة المعرفة والرأى بالحرب والنصرة في الدين والدنيا. فعند ذلك سار إلى حمص، وأمر هرقل بخروج الجيوش الروميّة صحبة الأمراء، في مقابلة كل أمير من المسلمين جيش كثيف، فبعث إلى عمرو بن العاص أخا له لأبويه «تذارق» في تسعين ألفا من المقاتلة. وبعث جرجه بن بوذيها إلى ناحية يزيد بن أبي سفيان، فعسكر بإزائه في خمسين ألفا أو ستين ألفا. وبعث الدراقص إلى شرحبيل بن حسنة.

وبعث اللقيقار ويقال القيقلان - قال ابن إسحاق وهو خصى هرقل نسطورس - في ستين ألفا إلى أبي عبيدة بن الجراح. وقالت الروم: والله لنشغلن أبا بكر عن أن يورد الخيول إلى أرضنا. وجميع عساكر المسلمين أحد وعشرون ألفا سوى الجيش الّذي مع عكرمة بن أبي جهل. وكان واقفا في طرف الشام ردءا للناس - في ستة آلاف - فكتب الأمراء إلى أبى بكر وعمر يعلمونهما بما وقع من الأمر العظيم، فكتب إليهم أن اجتمعوا وكونوا جندا واحدا والقوا جنود المشركين، فأنتم أنصار الله والله ناصر من نصره، وخاذل من كفره، ولن يؤتى مثلكم عن قلة، ولكن من تلقاء الذنوب فاحترسوا منها، وليصل كل رجل منكم بأصحابه. وقال الصديق: والله لأشغلن النصارى عن وساوس الشيطان يخالد بن الوليد. وبعث إليه وهو بالعراق ليقدم إلى الشام فيكون الأمير على من به، فإذا فرغ عاد إلى عمله بالعراق، فكان ما سنذكره. ولما بلغ هرقل ما أمر به الصديق أمراءه من الاجتماع، بعث إلى أمرائه أن يجتمعوا أيضا وأن ينزلوا بالجيش منزلا واسع العطن، واسع المطرد، ضيق المهرب، وعلى الناس أخوه بندارق، وعلى المقدمة جرجه، وعلى المجنبتين ماهان والدراقص، وعلى البحر القيقلان.

وقال محمد بن عائد عن عبد الأعلى عن سعيد بن عبد العزيز: إن المسلمين كانوا أربعة وعشرين ألفا، وعليهم أبو عبيدة، والروم كانوا عشرين ومائة ألف عليهم ماهان وسقلاب يوم اليرموك.

وكذا ذكر ابن إسحاق أن سقلاب الخصى كان على الروم يومئذ في مائة ألف، وعلى المقدمة جرجه - من أرمينية - في اثنى عشر ألفا، ومن المستعربة اثنى عشر ألفا عليهم جبلة بن الأيهم: والمسلمون في أربعة وعشرين ألفا، فقاتلوا قتالا شديدا حتى قاتلت النساء من ورائهم أشد القتال. وقال الوليد

<<  <  ج: ص:  >  >>