للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيري وغيرك يعنى زوجين مؤمنين غيري وغيرك ويتعين حمله على هذا لان لوطا كان معهم وهو نبي وقوله لها لما رجعت اليه مهيم معناه ما الخبر فقالت ان الله رد كيد الكافرين. وفي رواية الفاجر وهو الملك وأخدم جارية وكان إبراهيم من وقت ذهب بها الى الملك قام يصلى لله ﷿ ويسأله أن يدفع عن أهله وأن يرد بأس هذا الّذي أراد اهله بسوء وهكذا فعلت هي أيضا فلما أراد عدو الله ان ينال منها أمرا قامت الى وضوئها وصلاتها ودعت الله ﷿ بما تقدم من الدعاء العظيم ولهذا قال تعالى ﴿وَاِسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ﴾ فعصمها الله وصانها لعصمة عبده ورسوله وحبيبه وخليله إبراهيم وقد ذهب بعض العلماء الى نبوة ثلاث نسوة سارة وأم موسى ومريم عليهنّ السلام * والّذي عليه الجمهور أنهن صديقات وارضاهن * ورأيت في بعض الآثار أن الله ﷿ كشف الحجاب فيما بين إبراهيم وبينها فلم يزل يراها منذ خرجت من عنده الى أن رجعت اليه وكان مشاهدا لها وهي عند الملك وكيف عصمها الله منه ليكون ذلك أطيب لقلبه وأقر لعينه وأشد لطمأنينته فإنه كان يحبها حبا شديدا لدينها وقرابتها منه وحسنها الباهر فإنه قد قيل إنه لم تكن امرأة بعد حواء الى زمانها أحسن منها * ولله الحمد والمنة * وذكر بعض أهل التواريخ أن فرعون مصر هذا كان أخا للضحاك الملك المشهور بالظلم وكان عاملا لأخيه على مصر * ويقال كان اسمه سنان بن علوان بن عبيد بن عويج بن عملاق بن لاود بن سام ابن نوح. وذكر ابن هشام في التيجان أن الّذي أرادها عمرو بن امرئ القيس بن مايلون (١) بن سبإ وكان على مصر نقله السهيليّ فالله أعلم * ثم إن الخليل رجع من بلاد مصر الى أرض التيمن وهي الأرض المقدسة التي كان فيها ومعه أنعام وعبيد ومال جزيل وصحبتهم هاجر القبطية المصرية ثم إن لوطا نزح بماله من الأموال الجزيلة بأمر الخليل له في ذلك الى أرض الغور المعروف بغور زغر فنزل بمدينة سدوم وهي أم تلك البلاد في ذلك الزمان وكان أهلها أشرارا كفارا فجارا وأوحى الله تعالى الى إبراهيم الخليل فأمره أن يمد بصره وينظر شمالا وجنوبا وشرقا وغربا وبشره بان هذه الأرض كلها سأجعلها لك ولخلفك الى آخر الدهر وسأكثر ذريتك حتى يصيروا بعدد تراب الأرض * وهذه البشارة اتصلت بهذه الأمة بل ما كملت ولا كانت أعظم منها في هذه الأمة المحمدية * يؤيد ذلك

قول رسول الله ان الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتى ما زوى لي منها. قالوا ثم أن طائفة من الجبارين تسلطوا على لوط فأسروه وأخذوا أمواله واستاقوا انعامه فلما بلغ


(١) قوله مايلون كذا في النسختين المصريتين والّذي في النسخة الحلبية ما يلبون.

<<  <  ج: ص:  >  >>