دع ما تقدم من عهد الشباب فقد … ولّى الشباب وزار الشيب والزعر
واذكر بلاء سليم في مواطنها … وفي سليم لأهل الفخر مفتخر
قوم هموا نصروا الرحمن واتبعوا … دين الرسول وأمر الناس مشتجر
لا يغرسون فسيل النخل وسطهم … ولا تخاور في مشتاهم البقر
إلا سوابح كالعقبان مغرية … في دارة حولها الأخطار والعكر
تدعى خفاف وعوف في جوانبها … وحىّ ذكوان لا ميل ولا ضجر
الضاربون جنود الشرك ضاحية … ببطن مكة والأرواح تبتدر
حتى رفعنا وقتلاهم كأنهم … نخل بظاهرة البطحاء منقعر
ونحن يوم حنين كان مشهدنا … للدين عزا وعند الله مدخر
إذ نركب الموت مخضرا بطائنه … والخيل ينجاب عنها ساطع كدر
تحت اللواء مع الضحاك يقدمنا … كما مشى الليث في غاباته الخدر
في مأزق من مجر الحرب كلكلها … تكاد تأفل منه الشمس والقمر
وقد صبرنا بأوطاس أسنتنا … لله ننصر من شئنا وننتصر
حتى تأوب أقوام منازلهم … لولا المليك ولولا نحن ما صدروا
فما ترى معشرا قلوا ولا كثروا … إلا وقد أصبح منا فيهم أثر
وقال عباس أيضا ﵁:
يا أيها الرجل الّذي تهوى به … وجناء مجمرة المناسم عرمس
إما أتيت على النبي فقل له … حقا عليك إذا اطمأنّ المجلس
يا خير من ركب المطي ومن مشى … فوق التراب إذا تعد الأنفس
إنا وفينا بالذي عاهدتنا … والخيل تقدع بالكماة وتضرس
إذ سال من أفناء بهثة كلها … جمع تظل به المخارم ترجس
حتى صبحنا أهل مكة فيلقا … شهباء يقدمها الهمام الأشوس
من كل أغلب من سليم فوقه … بيضاء محكمة الدخال وقونس
يروى القناة إذا تجاسر في الوغى … وتخاله أسدا إذا ما يعبس
يغشى الكتيبة معلما وبكفه … عضب يقدّ به ولدن مدعس
وعلى حنين قد وفي من جمعنا … ألف أمد به الرسول عرندس
كانوا أمام المؤمنين دريئة … والشمس يومئذ عليهم أشمس