للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رمحه يومئذ وهو منهزم عن عمرو فقال في ذلك حسان بن ثابت:

فرّ وألقى لنا رمحه … لعلك عكرم لم تفعل

وولّيت تعدو كعدو الظليم … ما ان يحور عن المعدل

ولم تلو ظهرك مستأنسا … كأن قفاك قفا فرعل

قال ابن هشام: الفراعل صغار الضباع.

وذكر الحافظ البيهقي في دلائل النبوة عن ابن إسحاق في موضع آخر من السيرة قال: خرج عمرو بن عبد ودّ وهو مقنع بالحديد فنادى: من يبارز؟ فقام عليّ بن أبى طالب فقال: أنا لها يا نبي الله. فقال: إنه عمرو، اجلس. ثم نادى عمرو: ألا رجل يبرز؟ فجعل يؤنبهم ويقول: أين جنتكم التي تزعمون أنه من قتل منكم دخلها أفلا تبرزون إليّ رجلا؟ فقام عليّ فقال: أنا يا رسول الله؟ فقال: اجلس. ثم نادى الثالثة فقال:

ولقد بححت من النداء … لجمعهم هل من مبارز

ووقفت إذ جبن المشجع … موقف القرن المناجز

ولذاك إني لم أزل … متسرعا قبل الهزاهز

ان الشجاعة في الفتى … والجود من خير الغرائز

قال فقام عليّ فقال: يا رسول الله أنا. فقال: انه عمرو، فقال وان كان عمرا.

فأذن له رسول الله فمشى اليه حتى أتى وهو يقول:

لا تعجلن فقد أتاك … مجيب صوتك غير عاجز

في نية وبصيرة … والصدق منجى كل فائز

إني لأرجو أن أقيم … عليك نائحة الجنائز

من ضربة نجلاء … يبقى ذكرها عند الهزاهز

فقال له عمرو: من أنت؟ قال: أنا عليّ، قال: ابن عبد مناف؟ قال: أنا عليّ بن أبى طالب.

فقال: يا ابن أخى من أعمامك من هو أسن منك فانى أكره أن أهريق دمك؟ فقال له عليّ: لكنى والله لا أكره أن أهريق دمك، فغضب فنزل وسل سيفه كأنه شعلة نار، ثم أقبل نحو عليّ مغضبا واستقبله عليّ بدرقته فضربه عمرو في درقته فقدّها وأثبت فيها السيف وأصاب رأسه فشجه، وضربه عليّ على حبل عاتقه فسقط وثار العجاج وسمع رسول الله التكبير فعرفنا أن عليا قد قتله. فثمّ يقول على:

أعلىّ تقتحم الفوارس هكذا … عنى وعنهم أخروا أصحابى

اليوم يمنعني الفرار حفيظتي … ومصمم في الرأس ليس بنابي

<<  <  ج: ص:  >  >>