ومربا عال لمن تشرّفا... أشرفته بلا شفى أو بشفى
قوله: بلا شفى: أي: غابت الشمس، أو بشفى، أي بقيت منها بقيّة. هذا؛ فقد شبّه الله حالهم التي كانوا عليها في الجاهلية بحال من كان مشرفا على حفرة عميقة، وهوّة سحيقة. ففيه استعارة تمثيلية.
وأصله: شفو فقل في إعلاله: تحرّكت الواو وانفتح ما قبلها، فقلبت ألفا. وقيل: أصله:
شفي. والمعتمد الأول. {فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها:} يحتمل عود الضمير إلى الحفرة، أو إلى النار، أو للشفا، وإنّما أنّث للإضافة للمفردة، فاكتسب التأنيث منها على حدّ قول الأعشى-وهو الشاهد رقم [٩٠٤] من كتابنا: «فتح القريب المجيب» -: [الطويل]
وتشرق بالقول الّذي قد أذعته... كما شرقت صدر القناة من الدّم
{كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ..}. إلخ أي: كما بيّن الله لكم: أنّه ألف بين قلوبكم، وصرتم إخوانا متآلفين متحابين، كذلك يبيّن سائر أحكام دينه على لسان عبده، ورسوله محمد صلّى الله عليه وسلّم. {لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} إلى طريق الحقّ والصّواب، والترجي في هذه الآية، وأمثالها، إنّما هو بحسب عقول البشر؛ لأنّ الله تعالى لا يقع منه ترجّ لعباده، وأعمالهم. تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا!.
الإعراب: {وَاعْتَصِمُوا:} فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية، والتي بعدها معطوفة على ما قبلها. {بِحَبْلِ:} متعلقان بما قبلهما، و (حبل) مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه. {جَمِيعاً:} حال من واو الجماعة. ({لا تَفَرَّقُوا}): فعل مضارع مجزوم بلا الناهية، وعلامة جزمه حذف النون... إلخ، والواو فاعله، والألف للتفريق.
({اُذْكُرُوا}): أمر، وفاعله... إلخ. {نِعْمَتَ:} مفعول به، وهو مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه، من إضافة المصدر لفاعله. {عَلَيْكُمْ:} جار ومجرور متعلقان ب {نِعْمَتَ}. {إِذْ:} ظرف زمان بمعنى وقت مبني على السكون في محل نصب متعلّق ب {نِعْمَتَ} أيضا، أو بالفعل اذكروا.
{كُنْتُمْ:} فعل ماض ناقص مبني على السّكون، والتاء اسمه. {أَعْداءً:} خبره. {فَأَلَّفَ:} فعل ماض مبني على الفتح، والفاعل يعود إلى: {اللهِ،} والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل جر مثلها. {بَيْنَ:} ظرف مكان متعلق بما قبله، و {بَيْنَ:} مضاف، و {قُلُوبِكُمْ:}
مضاف إليه، والكاف في محل جر بالإضافة.
(أصبحتم): فعل ماض ناقص مبني على السكون، والتاء اسمه. {بِنِعْمَتِهِ:} متعلقان بمحذوف خبر: (أصبح) أي: متلبسين، أو مشمولين بنعمته. والهاء في محل جر بالإضافة من إضافة المصدر لفاعله. {إِخْواناً:} خبر ثان ل (أصبح) أو هو حال من تاء الفاعل، أو من الضمير المستتر في الخبر المحذوف، أو هو خبر واحد ل (أصبح)، وعليه يكون: {بِنِعْمَتِهِ:} متعلقين بمحذوف حال من تاء الفاعل، أو بمحذوف حال من: {إِخْواناً:} كان صفة له، فلما قدّم عليه صار حالا، ومثله قول الأخطل التّغلبي-وهو الشاهد رقم [١٣٢] من كتابنا: «فتح القريب المجيب» -: [البسيط]