للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنت زنيم نيط في آل هاشم... كما نيط خلف الراكب القدح الفرد

وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: الزنيم الدّعي الفاحش اللئيم، وأنشد قول القائل: [الطويل]

زنيم تداعاه الرّجال زيادة... كما زيد في عرض الأديم الأكارع

هذا؛ وقد قيل: إن أم الوليد بغت به، ولم يعرف حتى نزلت الآيات. والنطفة إذا خبثت؛ خبث الناشئ منها، روي: أنه دخل على أمّه، وقال لها: إن رب محمد وصفني بعشر صفات وجدت تسعا فيّ، فأما الزنيم فلا علم لي به، فإن أخبرتني بحقيقة الأمر، وإلا ضربت عنقك، فقالت: إن أباك عنّين، وخفت أن يموت، فيصل ماله إلى غير ولده، فدعوت راعيا إلى نفسي، فأنت من ذلك الراعي. قال ابن قتيبة: لا نعلم أن الله وصف أحدا، ولا ذكر من عيوبه، مثل ما ذكر من عيوب الوليد بن المغيرة، فألحق به عارا، لا يفارقه في الدنيا، ولا في الآخرة.

روي: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا يدخل الجنة ولد زنى، ولا ولده، ولا ولد ولده». وقال عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما-: إن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إن أولاد الزّنى يحشرون يوم القيامة في صورة القردة، والخنازير». وقالت ميمونة أم المؤمنين-رضي الله عنها-: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «لا تزال أمتي بخير ما لم يفش فيهم ولد الزنى، فإذا فشا فيهم ولد الزّنى، أوشك أن يعمهم الله بعقاب».

قال القرطبي-رحمه الله تعالى-: أما الحديث الأول، والثاني، فما أظن أن لهما سندا يصح، وأما حديث ميمونة-رضي الله عنها-؛ ففي صحيح مسلم عن زينب بنت جحش-رضي الله عنها-زوج النبي صلّى الله عليه وسلّم قالت: خرج علينا النبي صلّى الله عليه وسلّم يوما فزعا محمرا وجهه؛ يقول: «لا إله إلاّ الله، ويل للعرب من شرّ قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه». وحلّق بأصبعيه الإبهام، والتي تليها، قالت: فقلت يا رسول الله! أنهلك؛ وفينا الصالحون. قال: «نعم إذا كثر الخبث». أخرجه البخاري أيضا، وكثرة الخبث: ظهور الزنى، وأولاد الزنى. انتهى.

أقول: ما جاء في الحديثين الأولين، يظهر: أنه لا أصل له؛ لأن ولد الزنى لا ذنب له، وقد يكون في حياته من المؤمنين الصادقين، الذين يعملون الصالحات، ويجتنبون المنهيات، فكيف يحشرون في صورة القردة، والخنازير؟ وكيف لا يدخلون الجنة؛ إن هم أطاعوا الله، واهتدوا بهدي رسوله صلّى الله عليه وسلّم؟!.

قالوا: لما عاب الوليد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كاذبا باسم واحد، وهو الجنون؛ سماه الله صادقا بعشرة أسماء، فإن كان من عدله أن يجزي المسيء إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعشرة؛ كان من فضله أنّ من صلى عليه واحدة؛ صلّى الله عليه عشرا. انتهى. نسفي. هذا؛ وقيل: إن (بعد) بمعنى: «مع» أي: مع ذلك زنيم. ولا بأس به.

<<  <  ج: ص:  >  >>