{أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ:} فقد قرن الله شكره بشكر الوالدين؛ لأن للوالدين صورة التربية الظاهرة، والله هو الموجد، والمربي في الحقيقة؛ لذا جعل الشكر بينه وبين الوالدين، ثم فرق، فقال:{إِلَيَّ الْمَصِيرُ} أي: المرجع، والمآب؛ أي: إن نعمة الوالدين على الوالد مختصة بالدنيا، ونعمتي وإفضالي عليك في الدنيا، والآخرة. وقيل: لما أمر الله بشكره، وشكر الوالدين؛ قال: الجزاء عليّ وقت المصير إليّ.
قال سفيان بن عيينة: من صلى الصلوات الخمس؛ فقد شكر الله، ومن دعا لوالديه في أدبار الصلوات الخمس؛ فقد شكرهما. انتهى. أقول: إن كانت الصلاة قد نهته عن الفحشاء، والمنكر، وأما إذا اتخذ الصلاة عادة، ولم تنهه؛ فأي شكر لله يكون فيها؟! وهذا هو الغالب على المصلين في هذا العصر.
ومن القرطبي في تفسير سورة (النور) قال: وفي حديث: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «من فرّق بين ثلاث فرّق الله بينه وبين رحمته يوم القيامة، من قال: أطيع الله، ولا أطيع الرّسول، والله تعالى يقول:{أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} ومن قال: أقيم الصلاة، ولا أوتي الزّكاة، والله تعالى يقول:
{وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ} ومن فرّق بين شكر الله وشكر والديه، والله عز وجل يقول: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ»}. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
الإعراب:{وَوَصَّيْنَا:} الواو: واو الاعتراض. (وصينا): فعل، وفاعل. {الْإِنْسانَ:} مفعول به. {بِوالِدَيْهِ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، وعلامة الجر الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه مثنى تغليبا، وحذفت النون للإضافة، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {حَمَلَتْهُ:}
فعل ماض، والتاء للتأنيث حرف لا محل له، والهاء مفعول به. {أُمُّهُ:} فاعله، والهاء في محل جر بالإضافة. {وَهْناً:} حال من {أُمُّهُ} أي: ذات وهن، أو هو مفعول مطلق، تقديره:
تهن وهنا، وهذه الجملة في محل نصب حال، أو هو منصوب بنزع الخافض، التقدير: على وهن أو بوهن، أو هو صفة مفعول مطلق محذوف، التقدير: حملا وهنا، وجملة:{حَمَلَتْهُ..}.
إلخ معترضة لا محل لها، وفيها معنى التعليل للوصية. {وَفِصالُهُ:} الواو: حرف عطف، أو اعتراض آخر، {وَفِصالُهُ:} مبتدأ، والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر لمفعوله، وفاعله محذوف. {فِي عامَيْنِ:} متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ، وعلامة الجر الياء... إلخ، والجملة الاسمية معترضة أيضا لا محل لها. {الْإِنْسانَ:} مفسرة؛ لأن (وصينا) متضمن معنى القول دون حروفه. وقيل: مصدرية. {اُشْكُرْ:} فعل أمر، وفاعله تقديره:«أنت»، والجملة الفعلية لا محل لها على اعتبار:{الْإِنْسانَ} تفسيرية، وعلى اعتبار {الْإِنْسانَ} مصدرية تؤول مع الفعل بمصدر في محل جر بحرف جر محذوف، التقدير: لأن اشكر، أو بأن اشكر، وهو أقوى من سابقه. كما