يُؤْمِنُونَ بِهِ يؤيده، وذلك بإرجاع الضمير إلى القرآن أيضا، {حَتّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ} أي:
الملجئ إلى الإيمان. هذا؛ ويؤيد إرجاع الضمير الأول للكفر قوله تعالى في سورة (الحجر):
{كَذلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ} الآية رقم [١٢] وقد ذكرت هناك أن هذه الآية ترد على القدرية والمعتزلة، وهي أبين آية في ثبوت القدر لمن أذعن للحق، ولم يعاند.
هذا؛ والسّلك: إدخال الشيء في الشيء كالخيط في المخيط، والرمح بالمطعون، وانظر (نا) في الآية رقم [٧]. هذا؛ وكثيرا ما يعبر القرآن عن الكافرين بالظالمين، والمجرمين، والمعتدين، والفاسقين، والمسرفين، ونحو ذلك، ويتهددهم بالعذاب الأليم، ويتوعدهم بالعقاب الشديد، وإننا نجد الكثير من المسلمين يتصفون بهذه الصفات؛ فهل يوجه إليهم هذا التهديد، وهذا الوعيد؟ الحق أقول: نعم يتوجه إليهم ما ذكر، وهم أحق بذلك، ولا سيما من قرأ القرآن، واطّلع على أحوال الأمم السابقة، وما جرى لهم مع رسلهم، وكيف نكل الله بهم؟ وجعلهم عبرة للمعتبرين، وما يتذكر إلا أولو الألباب، ورحم الله البيضاوي؛ حيث قال: والتعبير عن الكافرين بالمجرمين؛ ليكون لطفا للمؤمنين في ترك الجرائم. وأضيف في ترك الكذب، والفسوق، والإسراف، والظلم، والاعتداء، وغير ذلك من الأعمال التي يبغضها الله، ورسوله.
أما {الْأَعْجَمِينَ:} فهو جمع: أعجمي، والقياس: أعجميين، وبه قرأ الحسن، وقد حذفت ياء النسب من الأعجمين لثقلها، كما يقال: الأشعرين، جمع أشعريّ، وقيل: هو جمع:
أعجم، وفيه بعد؛ لأن ما كان من الصفات الذي مؤنثه (فعلاء) لا يجمع بالواو والنون، ولا بالألف والتاء، فلا يقال: أحمرون ولا حمراوات، وبالأول قال أبو الفتح بن جني، وهو مذهب سيبويه، والبصريين. وبالثاني قال الكوفيون. والمعتمد قول البصريين، وانظر ما ذكرته في سورة (الصافات) رقم [١٢٨].
والأعجمي: هو الذي لا يفصح في كلامه، والعرب تسمي كل من لا يعرف لغتهم، ولا يتكلم بكلامهم أعجميّا. وقال الفراء: الأعجم: هو الذي في لسانه عجمة، وإن كان عربيّا، ومنه سمي زياد الأعجم؛ لأنه كان في لسانه عجمة، أي: لكنة مع كونه من العرب، والأعجمي، والعجمي: الذي أصله من العجم، فهو منسوب إليه. هذا؛ والأعرابي: هو الذي يسكن البادية، والعربي: هو الذي يسكن الأمصار من بلاد العرب، وهو منسوب إلى العرب، وجمع الأول:
الأعراب، كما في الآية رقم [٩٠] من سورة (التوبة) وما بعدها، وجمع الثاني: العرب، والعرب، والعرب واحد، كالعجم، والعجم، فبينهما طباق التضاد.
الإعراب:{وَلَوْ:} الواو: حرف استئناف. (لو): حرف لما كان سيقع لوقوع غيره.
{نَزَّلْناهُ:} فعل، وفاعل، ومفعول به، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي. {عَلى بَعْضِ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، و {بَعْضِ} مضاف،