عبارة عن مقدمات الموت، وآلامه العظيمة قبل حلوله. انتهى. خازن. هذا؛ و «الذوق» يكون محسوسا، ومعنى، وقد يوضع موضع الابتلاء، والاختبار، تقول: اركب هذا الفرس فذقه؛ أي:
اختبره. وانظر فلانا، فذق ما عنده. قال الشماخ يصف قوسا: [الطويل]
فذاق فأعطته من اللّين جانبا... كفى ولها أن يغرق السّهم حاجز
وقد يعبر بالذوق عما يطرأ على النفس، وإن لم يكن مطعوما لإحساسها به كإحساسها بذوق المطعوم، قال عمر بن أبي ربيعة المخزومي: [الطويل]
فذق هجرها إن كنت تزعم أنها... فساد ألا يا ربّما كذب الزّعم
وتقول: ذقت ما عند فلان، أي: خبرته، وذقت القوس: إذا جذبت وترها لتنظر ما شدتها؟ وأذاقه الله وبال أمره؛ أي: عقوبة كفره، ومعاصيه. قال طفيل بن سعد الغنوي: [الطويل]
فذوقوا كما ذقنا غداة محجّر... من الغيظ في أكبادنا والتّحوّب
وتذوقته؛ أي: ذقته شيئا بعد شيء، وأمر مستذاق؛ أي: مجرب معلوم، قال الشاعر: [الوافر]
وعهد الغانيات كعهد قين... ونت عند الجعائل مستذاق
وأصله من الذوق بالفم، و (ذوقوا) في كثير من الآيات أمر للإهانة، وفيه استعارة تبعية تخييلية، وفي الموت، أو في العذاب استعارة مكنية، حيث شبه العذاب بشيء يدرك بحاسة الأكل، وشبه الذوق بصورة ما يذاق، وأثبت الذوق تخييلا.
{وَنَبْلُوكُمْ:} نختبركم. {بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ} أي: بالشدة، والرخاء، والصحة، والسقم، والغنى، والفقر، وبما تحبون وما تكرهون، وقد سماه الله ابتلاء، وإن كان عالما بما سيكون من أعمال العاملين قبل وجودهم؛ لأنه في صورة الاختبار، وفي (الأعراف): {وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ} رقم [١٦٨]. {فِتْنَةً:} اختبارا، وابتلاء لننظر شكركم فيما تحبون، وصبركم فيما تكرهون. {وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ} أي: للحساب، والجزاء، وفيه إشارة إلى أن المقصود من هذه الحياة الدنيا الاختبار، والابتلاء، والتعريض للثواب، والعقاب، وانظر (نا) في الآية رقم [٤٩] من سورة (مريم) عليهاالسّلام، هذا؛ والموت: انتهاء الحياة بخمود حرارة البدن، وبطلان حركته.
وموت القلب: قسوته، فلا يتأثر بالمواعظ، ولا ينتفع بالنصائح.
هذا؛ وأما (النفس) فإنها تجمع في القلة: أنفس، وفي الكثرة: نفوس، والنفس تؤنث باعتبار الروح، وتذكر باعتبار الشخص؛ أي: فإنها تطلق على الذات أيضا، سواء أكان ذكرا، أم أنثى. فعلى الأول قيل: إنها جسم لطيف مشتبك بالجسم اشتباك الماء بالعود الرطب، فتكون سارية في جميع البدن.