وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ مِثْلَ بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ صِفَةُ حَالٍ مَحْذُوفٍ قُصِدَ مِنْهُ التَّأْكِيدُ.
وَالتَّقْدِيرُ: إِنَّهُ لَحَقٌّ حَقًّا مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ. وَقَرَأَ حَمْزَة وَالْكسَائِيّ وأبوبكر عَنْ عَاصِمٍ وَخَلَفٌ مَرْفُوعًا عَلَى الصِّفَةِ لَحَقٌّ صِفَةٌ أُرِيدَ بِهَا التَّشْبِيهُ.
وَمَا الْوَاقِعَةُ بَعْدَ مِثْلَ زَائِدَةٌ لِلتَّوْكِيدِ. وَأُرْدِفَتْ بِ (أَنَّ) الْمُفِيدَةِ لِلتَّأْكِيدِ تَقْوِيَةً لِتَحْقِيقِ حَقِّيَّةِ مَا يُوعَدُونَ.
وَاجْتُلِبَ الْمُضَارِعُ فِي تَنْطِقُونَ دُونَ أَنْ يُقَالَ: نُطْقُكُمْ، يُفِيدُ التَّشْبِيهَ بِنُطْقِهِمُ الْمُتَجَدِّدِ وَهُوَ أَقْوَى فِي الْوُقُوعِ لِأَنَّهُ محسوس.
[٢٤- ٣٠]
[سُورَة الذاريات (٥١) : الْآيَات ٢٤ إِلَى ٣٠]
هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (٢٤) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (٢٥) فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (٢٦) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قالَ أَلا تَأْكُلُونَ (٢٧) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ (٢٨)
فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَها وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ (٢٩) قالُوا كَذلِكَ قالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (٣٠)
انْتِقَالٌ مِنَ الْإِنْذَارِ وَالْمَوْعِظَةِ وَالِاسْتِدْلَالِ إِلَى الِاعْتِبَارِ بِأَحْوَالِ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ الْمُمَاثِلَةِ لِلْمُخَاطَبِينَ الْمُشْرِكِينَ فِي الْكُفْرِ وَتَكْذِيبِ الرُّسُلِ. وَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا ابْتِدَائِيًّا وَغُيِّرَ أُسْلُوبُ الْكَلَامِ مِنْ خِطَابِ الْمُنْذِرِينَ مُوَاجَهَةً إِلَى أُسْلُوبِ التَّعْرِيضِ تَفَنُّنًا بِذِكْرِ قِصَّةِ إِبْرَاهِيمَ لِتَكَوْنَ تَوْطِئَةً لِلْمَقْصُودِ مِنْ ذِكْرِ مَا حَلَّ بِقَوْمِ لُوطٍ حِينَ كَذَّبُوا رَسُولَهُمْ، فَالْمَقْصُودُ هُوَ مَا بَعْدُ
قَوْلِهِ قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ [الْحجر: ٥٧] .
وَكَانَ فِي الِابْتِدَاءِ بِذِكْرِ قَوْمِ لُوطٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى خِلَافِ التَّرْتِيبِ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ اصْطِلَاحُ الْقُرْآنِ فِي تَرْتِيبِ قَصَصِ الْأُمَمِ الْمُكَذِّبَةِ بِابْتِدَائِهَا بِقَوْمِ نُوحٍ ثُمَّ عَادٍ ثُمَّ ثَمُودَ ثُمَّ قَوْمِ لُوطٍ أَنَّ الْمُنَاسَبَةَ لِلِانْتِقَالِ مِنْ وَعِيدِ الْمُشْرِكِينَ إِلَى الْعِبْرَةِ بِالْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute