للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ [الْبَقَرَة: ٢٤٣] وَعِلْمٍ وَحِكْمَةٍ، وَمَعَانِي الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ، وَتَثْبِيتِ الْمُسْلِمِينَ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ [الْبَقَرَة: ١٥٣] وَالْكَمَالَاتِ الْأَصْلِيَّةِ، وَالْمَزَايَا التَّحْسِينِيَّةِ، وَأَخْذِ الْأَعْمَالِ وَالْمَعَانِي مِنْ حَقَائِقِهَا وَفَوَائِدِهَا لَا مِنْ هَيْئَاتِهَا، وَعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِالْمُصْطَلَحَاتِ إِذَا لَمْ تَرْمِ إِلَى غَايَاتٍ: وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها [الْبَقَرَة: ١٨٩] لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ [الْبَقَرَة: ١٧٧] وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ [الْبَقَرَة: ٢١٧] وَالنَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ، وَنِظَامِ الْمُحَاجَّةِ، وَأَخْبَارِ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ، وَالرُّسُلِ وَتَفَاضُلِهِمْ، وَاخْتِلَاف الشَّرَائِع.

[١]

[سُورَة الْبَقَرَة (٢) : آيَة ١]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الم (١)

تَحَيَّرَ الْمُفَسِّرُونَ فِي مَحَلِّ هَاتِهِ الْحُرُوفِ الْوَاقِعَةِ فِي أَوَّلٍ هَاتِهِ السُّوَرِ، وَفِي فَوَاتِحِ سُوَرٍ

أُخْرَى عِدَّةٍ جَمِيعُهَا تِسْعٌ وَعِشْرُونَ سُورَةً وَمُعْظَمُهَا فِي السُّوَرِ الْمَكِّيَّةِ، وَكَانَ بَعْضُهَا فِي ثَانِي سُورَةٍ نَزَلَتْ وَهِيَ ن وَالْقَلَمِ [الْقَلَم: ١] ، وَأَخْلِقْ بِهَا أَنْ تَكُونَ مَثَارَ حَيْرَةٍ وَمَصْدَرَ، أَقْوَالٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَأَبْحَاثٍ كَثِيرَةٍ، وَمَجْمُوعُ مَا وَقَعَ مِنْ حُرُوفِ الْهِجَاءِ أَوَائِلُ السُّوَرِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ حَرْفًا وَهِيَ نِصْفُ حُرُوفِ الْهِجَاءِ وَأَكْثَرُ السُّوَرِ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا هَذِهِ الْحُرُوفُ: السُّوَرُ الْمَكِّيَّةُ عَدَا الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، وَالْحُرُوفُ الْوَاقِعَةُ فِي السُّوَرِ هِيَ: ا، ح، ر، س، ص، ط، ع، ق، ك، ل، م، ن، هـ، ي، بَعْضُهَا تَكَرَّرَ فِي سُوَرٍ وَبَعْضُهَا لَمْ يَتَكَرَّرْ وَهِيَ مِنَ الْقُرْآنِ لَا مَحَالَةَ وَمِنَ الْمُتَشَابِهِ فِي تَأْوِيلِهَا.

وَلَا خِلَافَ أَنَّ هَاتِهِ الْفَوَاتِحَ حِينَ يَنْطِقُ بِهَا الْقَارِئُ أَسْمَاءُ الْحُرُوفِ التَّهَجِّي الَّتِي يُنْطَقُ فِي الْكَلَامِ بِمُسَمَّيَاتِهَا وَأَنَّ مُسَمَّيَاتِهَا الْأَصْوَاتُ الْمُكَيَّفَةُ بِكَيْفِيَّاتٍ خَاصَّةٍ تَحْصُلُ فِي مَخَارِجِ الْحُرُوفِ وَلِذَلِكَ إِنَّمَا يَقُولُ الْقَارِئُ: (أَلِفْ لَامْ مِيمْ) مَثَلًا وَلَا يَقُولُ (أَلَمَ) . وَإِنَّمَا كَتَبُوهَا فِي الْمَصَاحِفِ بِصُوَرِ الْحُرُوفِ الَّتِي يُتَهَجَّى بِهَا فِي الْكَلَامِ الَّتِي يَقُومُ رَسْمُ شَكْلِهَا مَقَامَ الْمَنْطُوقِ بِهِ فِي الْكَلَامِ وَلَمْ يَكْتُبُوهَا بدوالّ مَا يقرأونها بِهِ فِي الْقُرْآنِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ التَّهَجِّي بِهَا وَحُرُوفُ التَّهَجِّي تُكْتَبُ بِصُوَرِهَا لَا بِأَسْمَائِهَا. وَقِيلَ لِأَنَّ رَسْمَ الْمُصْحَفِ سُنَّةٌ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ وَهَذَا أولى لِأَنَّهُ أشمل لِلْأَقْوَالِ الْمُنْدَرِجَةِ تَحْتَهَا، وَإِلَى هُنَا خَلُصَ أَنَّ الْأَرْجَحَ مِنْ تِلْكَ الْأَقْوَالِ ثَلَاثَةٌ وَهِيَ كَوْنُهَا تِلْكَ الْحُرُوفُ لِتُبَكِّتَ الْمُعَانِدِينَ وَتَسْجِيلًا لِعَجْزِهِمْ عَنِ الْمُعَارَضَةِ، أَوْ كَوْنِهَا أَسْمَاءً لِلسُّوَرِ الْوَاقِعَةِ هِيَ فِيهَا، أَوْ كَوْنِهَا أَقْسَامًا أَقْسَمَ بِهَا لِتَشْرِيفِ قَدْرِ الْكِتَابَةِ، وَتَنْبِيهِ الْعَرَبِ الْأُمِّيِّينَ إِلَى