للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ

[فصلت: ٣١] ، وَيَجْعَلُ بَيْنَ أَنْفُسِهِمْ مَوَدَّةً كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَنَزَعْنا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ [الْأَعْرَاف: ٤٣] .

وَإِيثَارُ الْمَصْدَرِ لِيَفِي بِعِدَّةِ مُتَعَلَّقَاتٍ بِالْوُدِّ. وَفُسِّرَ أَيْضًا جَعْلُ الْوُدِّ بِأَنَّ اللَّهَ يَجْعَلُ لَهُمْ مَحَبَّةً فِي قُلُوبِ أَهْلِ الْخَيْرِ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ. وَلَيْسَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ عَنْ أَحَدٍ مِمَّنْ رَوَى الْحَدِيثَ عَنْ غَيْرِ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ وَلَا عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ، فَهَذِهِ الزِّيَادَةُ إِدْرَاجٌ مِنْ قُتَيْبَةَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ خَاصَّةً.

وَفُسِّرَ أَيْضًا بِأَنَّ اللَّهَ سَيَجْعَلُ لَهُمْ مَحَبَّةً مِنْهُ تَعَالَى، فَالْجَعْلُ هُنَا كَالْإِلْقَاءِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي [طه: ٣٩] . هَذَا أَظْهَرُ الْوُجُوهِ فِي تَفْسِيرِ الْوُدِّ، وَقَدْ ذَهَبَ فِيهِ جَمَاعَاتُ الْمُفَسِّرِينَ إِلَى أَقْوَالٍ شَتَّى مُتَفَاوِتَةٍ فِي الْقبُول.

[٩٧]

[سُورَة مَرْيَم (١٩) : آيَة ٩٧]

فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا (٩٧)

إِيذَانٌ بِانْتِهَاءِ السُّورَةِ، فَإِنَّ شَأْنَ الْإِتْيَانِ بِكَلَامٍ جَامِعٍ بَعْدَ أَفْنَانِ الْحَدِيثِ أَنْ يُؤْذِنَ بِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ سَيَطْوِي بِسَاطَهُ. وَذَلِكَ شَأْنُ التَّذْيِيلَاتِ وَالْخَوَاتِمِ وَهِيَ مَا يُؤْذِنُ بِانْتِهَاءِ الْكَلَامِ.

فَلَمَّا احْتَوَتِ السُّورَةُ عَلَى عِبَرٍ وَقَصَصٍ وَبِشَارَاتٍ وَنُذُرٍ جَاءَ هُنَا فِي التَّنْوِيهِ بِالْقُرْآنِ وَبَيَانِ بَعْضِ مَا فِي تَنْزِيلِهِ مِنَ الْحِكَمِ.

فَيَجُوزُ جَعْلُ الْفَاءِ فَصِيحَةً مُؤْذِنَةً بِكَلَامٍ مُقَدَّرٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ الْمَذْكُورُ، كَأَنَّهُ قِيلَ: بَلِّغْ مَا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ مَا فِيهِ مِنْ إِبْطَالِ دِينِهِمْ وَإِنْذَارِهِمْ بِسُوءِ الْعَاقِبَةِ فَمَا أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ إِلَّا لِلْبِشَارَةِ وَالنِّذَارَةِ