بِخُزَعْبَلَاتِهِمْ وَإِطْمَاعِهِمْ إِيَّاهُ أَنْ يَعْبُدُوا اللَّهَ إِنْ هُوَ شَارَكَهُمْ فِي عِبَادَةِ أَصْنَامِهِمْ يَحْسَبُونَ الدِّينَ مُسَاوَمَةً ومغابنة وتطفيفا.
[٦٥- ٦٦]
[سُورَة الزمر (٣٩) : الْآيَات ٦٥ إِلَى ٦٦]
وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (٦٥) بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (٦٦)
تَأْيِيدٌ لِأَمْرِهِ بِأَنْ يَقُولَ لِلْمُشْرِكِينَ تِلْكَ الْمَقَالَةَ مَقَالَةَ إِنْكَارِ أَنْ يَطْمَعُوا مِنْهُ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ، بِأَنَّهُ قَوْلٌ اسْتَحَقُّوا أَنْ يُرْمُوا بِغِلْظَتِهِ لِأَنَّهُمْ جَاهِلُونَ بِالْأَدِلَّةِ وَجَاهِلُونَ بِنَفْسِ الرَّسُولِ وَزَكَائِهَا. وَأَعْقَبَ بِأَنَّهُمْ جَاهِلُونَ بِأَنَّ التَّوْحِيدَ هُوَ سُنَّةُ الْأَنْبِيَاءِ وَأَنَّهُمْ لَا يَتَطَرَّقُ الْإِشْرَاكُ حَوَالَيْ قُلُوبِهِمْ، فَالْمَقْصُودُ الْأَهَمُّ مِنْ هَذَا الْخَبَرِ التَّعْرِيضُ بِالْمُشْرِكِينَ إِذْ حَاوَلُوا النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الِاعْتِرَافِ بِإِلَهِيَّةِ أَصْنَامِهِمْ.
وَالْوَاوُ عَاطِفَةٌ عَلَى جملَة قُلْ [الزمر: ٦٤] . وَتَأْكِيدُ الْخَبَرِ بِلَامِ الْقَسَمِ وبحرف (قد) تَأْكِيد لِمَا فِيهِ مِنَ التَّعْرِيضِ لِلْمُشْرِكِينَ.
وَالْوَحْيُ: الْإِعْلَامُ مِنَ اللَّهِ بِوَاسِطَةِ الْمَلَكِ. وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِ هُمُ الْأَنْبِيَاءُ وَالْمُرْسَلُونَ.
فَالْمُرَادُ الْقَبْلِيَّةُ فِي صِفَةِ النُّبُوءَةِ فَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ مُرَادٌ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ.
وَجُمْلَةُ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ مُبَيِّنَةٌ لِمَعْنَى أُوحِيَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَوَسْوَسَ
إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ
[طه: ١٢٠] .
وَالتَّاءُ فِي أَشْرَكْتَ تَاءُ الْخِطَابِ لِكُلِّ مَنْ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِمَضْمُونِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ فَتَكُونُ الْجُمْلَةُ بَيَانًا لِمَا أُوحِيَ إِلَيْهِ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْخِطَابُ لِلنَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَكُونُ الْجُمْلَةُ بَيَانًا لِجُمْلَةِ أُوحِيَ إِلَيْكَ، وَيَكُونُ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اعْتِرَاضًا لِأَنَّ الْبَيَانَ تَابِعٌ لِلْمُبَيَّنِ عُمُومُهُ وَنَحْوِهِ. وَأَيًّا مَا كَانَ فَالْمَقْصُودُ بِالْخِطَابِ تَعْرِيضٌ بِقَوْمِ الَّذِي أُوحِيَ إِلَيْهِ لِأَنَّ فَرْضَ إِشْرَاكِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ مُتَوَقَّعٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute