بِالْكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ:
مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَنَوْءِ كَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ»
. فَهَذَا الْقَصْرُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُشْرِكِينَ قَصْرُ قَلْبٍ أَصْلِيٌّ وَهُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْلِمِينَ قَصْرُ قَلْبٍ تَنْزِيلِيٌّ.
وَالنَّشْرُ: ضِدُّ الطَّيِّ، وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: يَلْقاهُ مَنْشُوراً فِي سُورَةِ الْإِسْرَاءِ [١٣] . وَاسْتُعِيرَ هُنَا لِلتَّوْسِيعِ وَالِامْتِدَادِ. وَالرَّحْمَةُ هُنَا: رَحْمَتُهُ بِالْمَاءِ، وَقِيلَ: بِالشَّمْسِ بَعْدَ الْمَطَرِ. وَضَمِيرُ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا عَائِدٌ إِلَى عِبَادِهِ مِنْ قَوْلِهِ: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ [الشورى: ٢٥] .
وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ بِسَبَبِ رَفْعِ الْقَحْطِ عَنْ قُرَيْشٍ بدعوة النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بهم بِذَلِكَ بَعْدَ أَنْ دَامَ عَلَيْهِمُ الْقَحْطُ سَبْعَ سِنِينَ أَكَلُوا فِيهَا الْجِيَفَ وَالْعِظَامَ وَهُوَ الْمُشَارُ إِلَيْهِ بَقَوْلِهِ فِي سُورَةِ الدُّخان [١٥] إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عائِدُونَ.
فِي «الصَّحِيحِ» عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا دَعَا قُرَيْشًا كَذَّبُوهُ وَاسْتَعْصَوْا عَلَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ. فَأَتَاهُ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ قَوْمَكَ قَدْ هَلَكُوا فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَكْشِفَ عَنْهُمْ فَدَعَا. ثُمَّ قَالَ: تَعُودُونَ بَعْدُ»
. وَقَدْ كَانَ هَذَا فِي الْمَدِينَةِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا رُوِيَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي استسقاء النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا سَأَلَهُ الْأَعْرَابِيُّ وَهُوَ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ. وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ الَّذِي كَلَّمَهُ هُوَ كَعْبُ بْنُ مُرَّةَ
وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ فِي «الصَّحِيحِ» أَن النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِينَ يُوسُفَ.
وَقَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ وَعَاصِمٌ وَأَبُو جَعْفَرٍ يُنَزِّلُ بِفَتْحِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الزَّايِ. وَقَرَأَهُ الْبَاقُونَ بِسُكُونِ النُّونِ وَتَخْفِيفِ الزَّايِ.
وَذِكْرُ صِفَتَيِ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ دُونَ غَيْرِهِمَا لِمُنَاسَبَتِهِمَا لِلْإِغَاثَةِ لِأَنَّ الْوَلِيَّ يُحْسِنُ إِلَى مَوَالِيهِ وَالْحَمِيدَ يُعْطِي مَا يُحْمَدُ عَلَيْهِ. وَوَصْفُ حَمِيدٍ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ. وَذَكَرَ الْمَهْدَوِيُّ تَفْسِيرَ يَنْشُرُ رَحْمَتَهُ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ بعد الْمَطَر.