وَهِبَةُ يَعْقُوبَ ازْدِيَاده لِإِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ فِي حَيَاةِ إِبْرَاهِيمَ وَرُؤْيَتُهُ إِيَّاهُ كَهْلًا صَالِحًا.
وَالنَّافِلَةُ: الزِّيَادَةُ غَيْرُ الْمَوْعُودَةِ، فَإِنَّ إِبْرَاهِيمَ سَأَلَ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ أَرَادَ الْوَلَدَ فَوُلِدَ لَهُ إِسْمَاعِيلُ كَمَا فِي [سُورَةِ الصَّافَّاتِ: ١٠٠] ، ثُمَّ وُلِدَ لَهُ إِسْحَاقُ عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ كَمَا فِي سُورَةِ هُودٍ فَكَانَ نَافِلَةً، وَوُلِدَ لِإِسْحَاقَ يَعْقُوبُ فَكَانَ أَيْضًا نَافِلَةً.
وَانْتَصَبَ نافِلَةً عَلَى الْحَالِ الَّتِي عَامِلُهَا وَهَبْنا فَتَكُونُ حَالًا مِنْ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ شَأْنُ الْحَالِ الْوَارِدَةِ بَعْدَ الْمُفْرَدَاتِ أَنْ تَعُودَ إِلَى جَمِيعِهَا.
وَتَنْوِينُ كُلًّا عِوَضٌ عَنِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ. وَالْمَعْنَى: وَكُلُّهُمْ جَعَلْنَا صَالِحِينَ، أَيْ أَصْلَحْنَا نُفُوسَهُمْ. وَالْمُرَادُ إِبْرَاهِيمُ وَإِسْحَاقُ وَيَعْقُوبُ، لِأَنَّهُمُ الَّذِينَ كَانَ الْحَدِيثُ الْأَخِيرُ عَنْهُمْ. وَأَمَّا لُوطٌ فَإِنَّمَا ذُكِرَ عَلَى طَرِيقِ الْمَعِيَّةِ وَسَيُخَصُّ بِالذِّكْرِ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ.
وَإِعَادَةُ فِعْلِ «جَعَلَ» فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا دُونَ أَن يُقَال:
وأيمة يَهْدُونَ، بِعَطْفِ أَئِمَّةً على صالِحِينَ، اهْتِمَامًا بِهَذَا الْجَعْلِ الشَّرِيفِ، وَهُوَ جَعْلُهُمْ هَادِينَ لِلنَّاسِ بَعْدَ أَنْ جَعَلَهُمْ صَالِحِينَ فِي أَنْفُسِهِمْ فَأُعِيدَ الْفِعْلُ لِيَكُونَ لَهُ مَزِيدَ اسْتِقْرَارٍ.
وَلِأَنَّ فِي إِعَادَةِ الْفِعْلِ إِعَادَةَ ذِكْرِ الْمَفْعُولِ الْأَوَّلِ فَكَانَتْ إِعَادَتُهُ وَسِيلَةً إِلَى إِعَادَةِ ذِكْرِ الْمَفْعُولِ الْأَوَّلِ.
وَفِي تِلْكَ الْإِعَادَةِ مِنَ الِاعْتِنَاءِ مَا فِي الْإِظْهَارِ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ كَمَا يَظْهَرُ بِالذَّوْقِ.
وَالْأَئِمَّةُ: جَمْعُ إِمَامٍ وَهُوَ الْقُدْوَةُ وَالَّذِي يَعْمَلُ كَعَمَلِهِ. وَأَصْلُ الْإِمَامِ الْمِثَالُ الَّذِي يُصْنَعُ الشَّيْءُ عَلَى صُورَتِهِ فِي الْخَيْرِ أَوْ فِي الشَّرِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute