وَالسُّنْدُسُ: صِنْفٌ مِنَ الثِّيَابِ، وَهُوَ الدِّيبَاجُ الرَّقِيقُ يُلْبَسُ مُبَاشِرًا لِلْجِلْدِ لِيَقِيَهُ غِلَظَ الْإِسْتَبْرَقِ.
وَالْإِسْتَبْرَقُ: الدِّيبَاجُ الْغَلِيظُ الْمَنْسُوجُ بِخُيُوطِ الذَّهَبِ، يُلْبَسُ فَوْقَ الثِّيَابِ الْمُبَاشِرَةِ لِلْجِلْدِ.
وَكِلَا اللَّفْظَيْنِ مُعَرَّبٌ. فَأَمَّا لَفْظُ (سُنْدُسٍ) فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ مُعَرَّبٌ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي أَصْلِهِ، فَقَالَ جَمَاعَةٌ: أَصْلُهُ فَارِسِيٌّ، وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ: أَصْلُهُ هِنْدِيٌّ وَهُوَ فِي اللُّغَةِ (الْهِنْدِيَّةِ) (سَنْدُونْ) بِنُونٍ فِي آخِرِهِ. كَانَ قَوْمٌ مِنْ وُجُوهِ الْهِنْدِ وَفَدُوا عَلَى الْإِسْكَنْدَر يحملون مَعَهم هَدِيَّةً مِنْ هَذَا الدِّيبَاجِ، وَأَنَّ الرُّومَ غَيَّرُوا اسْمَهُ إِلَى (سُنْدُوسْ) ، وَالْعَرَبُ نَقَلُوهُ عَنْهُمْ فَقَالُوا (سُنْدُسْ) فَيَكُونُ مُعَرَّبًا عَنِ الرُّومِيَّةِ وَأَصْلُهُ الْأَصِيلُ هِنْدِيٌّ.
وَأَمَّا الْإِسْتَبْرَقُ فَهُوَ مُعْرَبٌ عَنِ الْفَارِسِيَّةِ. وَأَصْلُهُ فِي الْفَارِسِيَّةِ (إِسْتَبْرَهْ) أَوْ (إِسْتَبرْ) بِدُونِ هَاءٍ أَوْ (إِسْتَقْرَهْ) أَوْ (إِسْتَفْرَهْ) . وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُوَ سُرْيَانِيٌّ عُرِّبَ وَأَصْلُهُ (إِسْتُرْوَهْ) .
وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: هُوَ رُومِيٌّ عُرِّبَ، وَلِذَلِكَ فَهَمْزَتُهُ هَمْزَةُ قَطْعٍ عِنْدَ الْجَمِيعِ، وَذَكَرَهُ بَعْضُ عُلَمَاءِ اللُّغَةِ فِي بَابِ الْهَمْزَةِ وَهُوَ الْأَصْوَبُ، وَيُجْمَعُ عَلَى أَبَارِقَ قِيَاسًا، عَلَى أَنَّهُمْ صَغَّرُوهُ عَلَى أُبَيْرِقَ فَعَامَلُوا السِّينَ وَالتَّاءَ مُعَامَلَةَ الزَّوَائِدِ.
وَفِي «الْإِتْقَانِ» لِلسُّيُوطِيِّ عَنِ ابْنِ النَّقِيبِ: لَوِ اجْتَمَعَ فُصَحَاءُ الْعَالَمِ وَأَرَادُوا أَنْ يَتْرُكُوا هَذَا اللَّفْظَ وَيَأْتُوا بِلَفْظٍ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي الْفَصَاحَةِ لَعَجَزُوا.
وَذَلِكَ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا حَثَّ عِبَادَهُ عَلَى الطَّاعَةِ بِالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ. وَالْوَعْدُ بِمَا يَرْغَبُ فِيهِ الْعُقَلَاءُ وَذَلِكَ مُنْحَصِرٌ فِي: الْأَمَاكِنِ، وَالْمَآكِلِ، وَالْمَشَارِبِ، وَالْمَلَابِسِ، وَنَحْوِهَا مِمَّا
تَتَّحِدُ فِيهِ الطِّبَاعُ أَوْ تَخْتَلِفُ فِيهِ. وَأَرْفَعُ الْمَلَابِسِ فِي الدُّنْيَا الْحَرِيرُ، وَالْحَرِيرُ كُلَّمَا كَانَ ثَوْبُهُ أَثْقَلَ كَانَ أَرْفَعَ فَإِذَا أُرِيدَ ذِكْرُ هَذَا فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُذْكَرَ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ مَوْضُوعٍ لَهُ صَرِيحٌ، وَذَلِكَ لَيْسَ إِلَّا الْإِسْتَبْرَقُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute