للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْحَاصِلُ فِي حَالِ الْمُشَبَّهِ بِهِ مِنَ الْحَقَارَةِ وَعَدَمِ أَهْلِيَّةِ التَّصَرُّفِ وَالْعَجْزِ عَنْ كُلِّ عَمَلٍ، وَمِنْ حَالِ الْحُرِّيَّةِ وَالْغِنَى وَالتَّصَرُّفِ كَيْفَ يَشَاءُ.

وَجُعِلَتْ جُمْلَةُ فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ مُفَرَّعَةً عَلَى الَّتِي قَبْلَهَا دُونَ أَنْ تُجْعَلَ صِفَةً لِلرِّزْقِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ مَضْمُونَ كِلْتَا الْجُمْلَتَيْنِ مَقْصُودٌ لِذَاتِهِ كَمَالٌ فِي مَوْصُوفِهِ، فَكَوْنُهُ صَاحِبَ رِزْقٍ حَسَنٍ كَمَالٌ، وَكَوْنُهُ يَتَصَرَّفُ فِي رِزْقِهِ بِالْإِعْطَاءِ كَمَالٌ آخَرُ، وَكِلَاهُمَا بِضِدِّ نَقَائِصِ الْمَمْلُوكِ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْإِنْفَاقِ وَلَا مَا يُنْفِقُ مِنْهُ.

وَجَعَلَ الْمُسْنَدَ فِعْلًا لِلدَّلَالَةِ عَلَى التَّقَوِّي، أَيْ يُنْفَقُ إِنْفَاقًا ثَابِتًا. وَجَعَلَ الْفِعْلَ مُضَارِعًا لِلدَّلَالَةِ عَلَى التَّجَدُّدِ وَالتَّكَرُّرِ. أَيْ يُنْفِقُ وَيَزِيدُ.

وسِرًّا وَجَهْراً حَالَانِ مِنْ ضَمِيرِ يُنْفِقُ، وَهُمَا مَصْدَرَانِ مُؤَوَّلَانِ بِالصِّفَةِ، أَيْ مُسِرًّا وَجَاهِرًا بِإِنْفَاقِهِ. وَالْمَقْصُودُ مِنْ ذِكْرِهِمَا تَعْمِيمُ الْإِنْفَاقِ، كِنَايَةً عَنِ اسْتِقْلَالِ التَّصَرُّفِ وَعَدَمِ الْوِقَايَةِ مِنْ مَانِعِ إِيَّاهُ عَنِ الْإِنْفَاقِ.

وَهَذَا مَثَلٌ لِغِنَى اللَّهِ تَعَالَى وَجُودِهِ عَلَى النَّاسِ.

وَجُمْلَةُ هَلْ يَسْتَوُونَ بَيَانٌ لِجُمْلَةِ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا، فَبَيَّنَ غَرَضَ التَّشْبِيهِ بِأَنَّ الْمَثَلَ مُرَادٌ مِنْهُ عَدَمُ تَسَاوِي الْحَالَتَيْنِ لِيُسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى عَدَمِ مُسَاوَاةِ أَصْحَابِ الْحَالَةِ الْأُولَى لِصَاحِبِ الصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ بِالْحَالَةِ الثَّانِيَةِ.

وَالِاسْتِفْهَامُ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْإِنْكَارِ.

وَأَمَّا جُمْلَةُ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَمُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الِاسْتِفْهَامِ الْمُفِيدِ لِلنَّفْيِ وَبَيْنَ الْإِضْرَابِ بِ بَلْ الِانْتِقَالِيَّةِ. وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الْجُمْلَةِ أَنَّهُ تَبَيَّنَ مِنَ الْمَثَلِ اخْتِصَاصُ اللَّهِ بِالْإِنْعَامِ فَوَجَبَ أَنْ يُخْتَصَّ بِالشُّكْرِ وَأَنَّ أَصْنَامَهُمْ لَا تَسْتَحِقُّ أَنْ تُشْكَرَ.

وَلَمَّا كَانَ الْحَمْدُ مَظْهَرًا مِنْ مَظَاهِرِ الشُّكْرِ فِي مَظْهَرِ النُّطْقِ جُعِلَ كِنَايَةً عَنِ الشُّكْرِ هُنَا، إِذْ كَانَ الْكَلَامُ عَلَى إِخْلَالِ الْمُشْرِكِينَ بِوَاجِبِ الشُّكْرِ إِذْ