وَأَشْهَرُ مَا كَانَتِ الْأَعْيَادُ فِي الْعَرَبِ عِنْدَ النَّصَارَى مِنْهُمْ، قَالَ الْعَجَّاجُ:
كَمَا يَعُودُ الْعِيدَ نَصْرَانِيٌّ مثل يَوْمِ السَّبَاسِبِ فِي قَوْلِ النَّابِغَةَ:
يُحَيَّوْنَ بِالرَّيْحَانِ يَوْمَ السَّبَاسِبِ وَهُوَ عِيدُ الشَّعَانِينَ عِنْدَ النَّصَارَى.
وَقَدْ سمّى النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفِطْرِ عِيدًا فِي قَوْلِهِ لِأَبِي بَكْرٍ لَمَّا نَهَى الْجَوَارِيَ اللَّاءِ كُنَّ يُغَنِّينَ عِنْدَ عَائِشَةَ «إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا وَهَذَا عِيدُنَا»
وَسَمَّى يَوْمَ النَّحْرِ عِيدًا
فِي قَوْلِهِ: «شَهْرَا عِيدٍ لَا يَنْقُصَانِ رَمَضَانُ وَذُو الْحَجَّةِ» .
وَالْعِيدُ مُشْتَقٌّ مِنَ الْعَوْدِ، وَهُوَ اسْمٌ عَلَى زِنَةِ فِعْلٍ، فَجُعِلَتْ وَاوُهُ يَاءً لِوُقُوعِهَا إِثْرَ كَسْرَةٍ لَازِمَةٍ. وَجَمَعُوهُ عَلَى أَعْيَادٍ بِالْيَاءِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، لِأَنَّ قِيَاسَ الْجَمْعِ أَنَّهُ يَرُدُّ الْأَشْيَاءَ إِلَى أُصُولِهَا، فَقِيَاسُ، جَمْعِهِ أَعْوَادٌ لَكِنَّهُمْ جَمَعُوهُ عَلَى أَعْيَادٍ، وَصَغَّرُوهُ عَلَى عُيَيْدٍ، تَفْرِقَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَمْعِ عُودٍ وَتَصْغِيرِهِ.
وَقَوْلُهُ: لِأَوَّلِنا بَدَلٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ لَنا بَدَلُ بَعْضِ مِنْ كُلٍّ، وَعَطْفُ وَآخِرِنا عَلَيْهِ يُصِيِّرُ الْجَمِيعَ فِي قُوَّةِ الْبَدَلِ الْمُطَابِقِ. وَقَدْ أَظْهَرَ لَامَ الْجَرِّ فِي الْبَدَلِ، وَشَأْنُ الْبَدَلِ أَنْ لَا يَظْهَرَ فِيهِ الْعَامِلُ الَّذِي عَمِلَ فِي الْمُبْدَلِ مِنْهُ لِأَنَّ كَوْنَ الْبَدَلِ تَابِعًا لِلْمُبْدَلِ مِنْهُ فِي الْإِعْرَابِ مُنَافٍ لِذِكْرِ الْعَامِلِ الَّذِي عَمِلَ فِي الْمَتْبُوعِ، وَلِهَذَا قَالَ النُّحَاةُ: إِنَّ الْبَدَلَ عَلَى نِيَّةِ تِكْرَارِ الْعَامِلِ، أَيِ الْعَامِلُ مَنْوِيٌّ غَيْرُ مُصَرَّحٍ بِهِ. وَقَدْ ذَكَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي «الْمُفَصَّلِ» أَنَّ عَامِلَ الْبَدَلِ قَدْ يُصَرَّحُ بِهِ، وَجَعَلَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ مَنْوِيٌّ فِي الْغَالِبِ وَلَمْ يُقَيِّدْ ذَلِكَ بِنَوْعٍ مِنَ الْعَوَامِلِ، وَمَثَّلَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ [الزخرف: ٣٣] ، وَبِقَوْلِهِ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ [٧٥] قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا..
لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ. وَقَالَ فِي «الْكَشَّافِ» فِي هَذِهِ الْآيَةِ لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا بَدَلٌ مِنْ لَنا بِتَكْرِيرِ الْعَامِلِ. وَجَوَّزَ الْبَدَلَ أَيْضًا فِي آيَةِ الزُّخْرُفِ ثُمَّ قَالَ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ
اللَّامَانِ بِمَنْزِلَةِ اللَّامَيْنِ فِي قَوْلِكَ: وَهَبْتُ لَهُ ثَوْبًا لِقَمِيصِهِ. يُرِيدُ أَنْ تَكُونَ اللَّامُ الْأُولَى مُتَعَلِّقَةً بِ تَكُونُ وَالثَّانِيَةُ مُتَعَلِّقَةً بِ عِيداً.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute